هل حرية التجمع السلمي في الأردن بخطر؟

 

انتقدت مؤسسات مجتمع مدني وناشطون حقوقيون، وفاعلون في الحراك الأردني ونقابة المعلمين، ما اسموه تضييق السلطات الأردنية على حرية التجمع السلمي والحق في التعبير، والاعتقالات المسبقة لناشطين، ومعلمين، ومحتجين سلميين.

 

وجاءت انتقادات الحقوقيين الإثنين خلال ملتقى  هيئة تنسيق مؤسسات المجتمع المدني "همم" بعنوان "حرية التجمع السلمي والجمعيات " بحضور مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بالحق في حرية التجمع السلمي وتكوين الجمعيات كليمان نيالتسوسي فول.



 

وانتقد المٌقرر الأممي نيالتسوسي فول، في الملتقى الحكومة الأردنية بسبب غياب ممثليها خلال الملتقى، وأكد على أن "هناك العديد من الملاحظات حول الحق في التجمع السلمي وتكوين الجمعيات في الأردن والتي يعتزم نقلها إلى المسؤولين قريباً".  

 

 مبينا : "من دون ضمانات للحق في التجمع السلمي من الصعب جداً مواجهة المشاكل"، معتبراً أن "هناك حالة تخلخل في الحق في الاجتماعات العامة وتنظيم فعاليات وتجمعات تنصب جميعها في حقوق أصيلة للأفراد، كما أن مساسها وانتهاكها يضع مؤشر الديمقراطية في قالب سيء".

 

وحول طبيعة زيارته للأردن قال  انه سيلتقي ممثلين عن الحكومة الأردنية خلال زيارته التي وصفها بـ"الاكاديمية"، مبينا أن "هدف الزيارة هو وضع تصور لكيفية التغلب على التحديات التي تواجه المجتمع المدني"، مضيفا "شعرت أن هناك عدم ثقة بين الحكومة ومؤسسات المجتمع المدني، وعدم فهم لدور مؤسسات المجتمع المدني".


قلق أممي

كما قال كبير مستشاري حقوق الإنسان في المفوضية السامية لحقوق الإنسان كريستينا مينيكي أن "المفوض العام لحقوق الإنسان اعرب عن قلقه من اعتقال المحتجين السلميين في بعض القضايا، كما أن منظمات المجتمع المدني تواجه تحديات في التسجيل، رغم أن الأردن مصادق على العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية واتفاقيات أخرى لكنه لم يصادق على حرية التجمع السلمي الصادرة عن منظمة العمل الدولية".

 

تأتي هذه الانتقادات في وقت أشارت فيه تقارير دولية حقوقية إلى فرض السلطات الاردنية تقييدات ومنع التجمع السلمي وحرية التجمع بما في ذلك قوانين مقيدة حق تشكيل الجمعيات، وغياب تحقيق ومساءلة للعنف المبني على النوع الاجتماعي واعتقال ناشطين سياسيين ومنع اعتصامات لنقابة المعلمين وحراكات سلمية.

 

وتحدث تقرير للخارجية الأمريكية حول حالة الحريات في الأردن لعام 2021، التقرير عن منع فعاليات لمؤسسات مجتمع مدني في الاردن "يتطلب القانون إخطارًا لمدة 48 ساعة إلى الحاكم المحلي لأي اجتماع أو حدث تستضيفه أي مجموعة محلية أو دولية.

 

كما  أفادت عدة منظمات غير حكومية محلية ودولية أن الفنادق ، بناء على طلب مسؤولي الأمن المزعوم ، طلبت منهم تقديم خطابات موافقة من المحافظ قبل عقد دورات تدريبية أو اجتماعات خاصة أو مؤتمرات عامة. 

 

عضو مجلس إدارة مركز حماية وحرية الصحفيين نضال منصور، تسأل "هل يمكن أن نتحدث عن تحديث المنظومة السياسية في الأردن دون وحقوق وحريات وعلى رأسها الحق في التجمع السلمي الذي يخضع للتقييد".

 

أما المستشار القانوني لمؤسسة محامون بلا حدود، معاذ المومني، يرى إن "هنالك إشكالية في تطبيق قانون الاجتماعات العامة، وممارسات يجب إعادة ضبطها بما يكفل حق التجمع السلمي، هناك تحديات تواجه مؤسسات المجتمع المدني كغياب مرجعية واحدة تضبط عمل مؤسسات عمل المجتمع المدني هناك 13 وزارة تتبع لها هذه المؤسسات".



 

التضييق على مؤسسات المجتمع المدني

بدورها أكدت منسقة تحالف "همم" عبير مدانات قالت "كان بودنا أيضا أن نرحب بالحكومة في هذا الملتقى الهام لحرصنا الشديد على أن تطرح الحكومة وجهة نظرها أيضا لكن للأسف الشديد اعتذروا جميعا عن المشاركة بالافتتاح و الجلسات".

 

مضيفة "يأتي هذا الملتقى لتسليط الضوء على واقع حق التجمع السلمي وتكوين الجمعيات وحرية عملها وقدرتها على القيام بدورها. حيث أن حق التجمع السلمي وحق تكوين الجمعيات يتقاطعان مع الكثير من الحقوق وأهمها قدرة الأفراد على ممارسة حق التعبير ودفاعهم عن حقوقهم التي يكفلها الدستور الأردني".

 

وتحدثت المدانات عن تضييق الحكومة على مؤسسات المجتمع المدني "بدل من أن يستفاد من هذه الخبرات الوطنية يجري تعطيل وتقييد هذا الجهد حتى ينتهي بعدد منها المطاف بالاجبار على تسريح موظفيها وموظفاتها تمهيدا لإغلاقها، مما يؤدي إلى زيادة أعداد العاطلين عن العمل من الاردنيين والاردنيات الذين يعيلون عائلاتهم ويخدمون وطنهم ويشكلون حلقة تواصل واتصال مع الفئات المهمشة و يسلطون الضوء على الخلل لمعالجته وبالتالي التراجع على المؤشرات الدولية التي يستند عليها المستثمرين وغيرهم".



 

وشارك في الملتقى حراكيون وأعضاء في نقابة المعلمين الأردنيين الموقوفة اعملها، وانتقد حراكيون ما أسموه الاعتقالات المسبقة للناشطين والناشطات في الحراك والنقابات، منتقدين ايضا التضييق على حرية الإعلام ومنع تغطية الاحتجاجات السلمية.

 

الصحفي أحمد حسن الزعبي، يقول  إن "الحريات في الأردن بتراجع كبير خصوصا حرية التجمع السلمي وحرية الصحافة ومثال على ذلك هناك معتقلون في السجون أمضوا أشهر رغم أن القضاء برأهم ومع ذلك يصر الحاكم الإداري على توقيفهم استنادا لقانون منع الجرائم الإلكترونية، بالاضافة الى حجز الحريات بناء على النوايا تخوفا من التجمع السلمي وهذا منافي لكل المواثيق و الدستور التي كفلت حرية التعبير".

 

بدورها أكدت مديرة التنفيذية لمركز تمكين للدعم والمساندة، ليندا كلش، بدورها "، أن "الحاكم الإداري في الأردن يقف حجر عثرة امام اقامة اي تجمع سلمي، وفي الفترة الاخيرة رأينا توسع بالاحتجاز الاداري منذ أشهر على خلفية مشاركتهم أو نيتهم المشاركة في تجمعات سلمية".

 

سياقات الربيع العربي

 

وطالبت مؤسسات المجتمع المدني السلطات الأردني التوقف عن تقييد الحق في الحرية والتعبير، ومنع المتظاهرين السلميين من التوجه إلى ساحات الاعتصامات، النائب في البرلمان الأردني عمر العياصرة،  يعيد سبب تعامل الحكومة الاردنية مع الاحتجاجات السلمية ومنعها إلى سببين اثنين.

 

يقول "، "هناك حدثان مهمان في الأردن شكلا حالة التعامل مع التجمع السلمي وأصبح هناك تقسيم مكاني، وتقسيم زماني، كل هذه الحالة تتجه لسياقات الربيع العربي جميعها شكلت حالة مختلفة في التعامل مع الغضب والاحتقان بوجهة نظر الدولة، يسمحون بالاعتصام أمام المسجد الحسيني ويمنعون في دوار الداخلية لرمزيته وارتباطه بالربيع العربي،الحدث الثاني الذي شكل فوبيا، هو حراك نقابة المعلمين، السلطات تخشى من امتداد الاحتجاجات، وهناك قواعد في المحافظات غاضبة وربما تنتظر فتيل تلك الشعلة التي تسير في سياق الربيع العربي أيضا".

 

منتقدا أداء مجلس النواب قائلا "مجالس النواب في الآونة الأخيرة هي امتداد للسلطة التنفيذية".

 

بدوره يقر المفوض العام للمركز الوطني لحقوق الإنسان (مؤسسة شبه رسمية) علاء العرموطي، بوجود تحديات في الأردن، قائلا خلال مشاركته في الملتقى " من لا يعترف بالتحديات كمن يضع الغبار تحت السجادة، المشاكل موجودة وهناك عوائق أمام الإصلاح، بالاضافة لتراجع الحريات وعلى رأسها الحق في التجمع السلمي، نحن في الأردن نقف على برزخ بين المجتمع المدني والمجتمع الرسمي". 

 

تضمن الملتقى عدة جلسات نقاشية حول التجمع السلمي تحديات وفرص وأدار هذه الجلسة نضال منصور عضو مجلس إدارة مركز حماية وحرية الصحفيين، وحرية عمل الجمعيات بين القانون وواقع الممارسة، وواقع الأردن في المعايير الدولية الناظمة للحق في التجمع السلمي والجمعيات وأفضل الممارسات الدولية وأدار الحوار هديل عبدالعزيز المديرة التنفيذية لمركز العدل للمساعدة القانونية.

 



 

أضف تعليقك