تصاعد المطالبات بالمساواة في الإرث المسيحي

استمرت اللقاءات والحوارات حول موضوع المساواة في الإرث المسيحي بمشاركة من رجال الدين والسياسة ونشطاء المجتمع المحلي كان آخرها لقاء عُقد في مقر الجمعية الأرثوذكسية اللويبدة. وقد شارك في اللقاء يوم السبت الموافق 14 كانون ثاني نشطاء لهم علاقة مع غالبية الطوائف المسيحية في الاردن عُرف منها الارثوذكس واللاتين والكاثوليك والسريان والانجيليين.

اللقاء الحواري مع أعضاء اللجنة المكلفة بإعداد القانون الكنسي الموحد للمسيحيين ركز حول تطورات مشروع القانون ومساره. وقد افتُتح اللقاء بعرض للأب الدكتور اللاتيني همام الخزوز حيث قام بشرح البعد المسيحي له، في حين تم إعطاء المحامي نزار الديات فرصة تقديم البعد القانوني.

وجرى تقاش تناول الأفكار والأمور التي تم التوصل إليها عبر عدة لقاءات تم استعراض ما توصلت إليه اللجنة بالعمل في هذا القانون وكان الحديث في نهايته أن اللجنة سوف تنهي التعديلات النهائية ومن ثم تسلم الى رؤساء الكنائس مسودة القانون ليتم إقرارها كنسيا ومن ثم المضي بعدها في الإجراءات الرسمية.

من اليسار الاب همام خزوز القاضي فارس هلسةو المحامي لؤي حداد والارشمندريت بسام شحاتيت

وشارك في النقاش عدد من المهتمين عرف منهم الارشمندريت بسام شحاتيت والمحامي خلدون السلايطة والنائب عن عمان عمر النبر و النائب عن مادبا مجدي اليعقوبي والقس الانجيلي ديفيد الريحاني والمحامي رمزي نزهه حيث كان هناك اتفاق بضرورة وضع سقف زمني للخروج بقرارات متفق عليها. النائب عمر النبر عبر عن امتعاضه بسبب تاخر الموضوع.

وفي حديث ل ملح الارض قال النائب المسيحي عن عمان عمر النبر: “الوقت يمر بدون اتفاق. نتمنى ان تتم الامور بسرعة. قانون الارث حسب اللجنة شبه خالص او باقي عليه رتوش، ويبدوا ان المشكلة مرتبط بموضوع الوصية”. وأكد النبر انه مع المساوة بين الرجل والمراة في الوصية “ولكن لا يوجد بعد توافق كامل مسيحي”.

يقول النائب النبر ان المشكلة هي بالاساس بين المسيحيين وخاصة النواب. “فقط ثلاث نواب مع المساوة في الارث والباقي وهم ستة معارضيين ومنهم من يعارض بشدة”. ويقترح النائب النبر ان يتم العمل على عدة مستويات لخلق رأي عام في هذا المجال. ” انا انصح رجال الدين ان يتم تعليم الموضوع في مدارس الاحد ومن على المنبر الكنسي”.

المهندس نضال قاقيش أحد المبادرين للقاء قال ل ملح الأرض أن اللجنة المختصة تدرس وضع قانون خاص للأحوال الشخصية للمسيحيين. “اهم مبدأ نحن متفقين عليه هو ضرورة أن يتم التعامل مع كافة الأمور الأساسية المتعلقة بالأحوال الشخصية للمسيحين مثل الإرث وغيرها بالتساوي بين المسيحيين. كما وتم مناقشة إدخال بنود متعلقة بموضوع التبني والوصاية.

نبذة

تُطبّق الديانة المسيحية في الأردن في تقسيم الميراث تعليمات الشريعة الإسلامية “للذكر مثل حظ الأنثيين”، بالإضافة إلى إشراك أحد أقارب الزوجين في الميراث في حال عدم وجود ذكر في العائلة، وبالرغم من التعديلات التي طالت قانون الأحوال الشخصية المسيحي مرتين خلال المائة عام الماضية، إلا أن هذا التعديل لم يكن مرضيًا لعدد من أبناء الديانة المسيحية في الأردن بما يخص الميراث تحديداً، كونه يعتبره البعض مجحفا بحق الإناث داخل العائلة المسيحيّة، بالإضافة لاعتقاد أبناء المجتمع المسيحي في الأردن أنهم بحاجة لقوانين خاصة بهم، فهم يرون أن لكل دين خصوصيته وشرعيته يجب أن يطبقها أبناء الديانة بشكل إجباري ومن غير المنصف أن يتبع صاحب ديانة مختلفة شرعية ديانة أخرى.

 

ويذكر أن قانون الإرث المسيحي الخاص بالمسيحيين في الأردن قديم جدًا ولا يتم تطبيقه لديهم، ويكمن السبب أنه يوجد نص في الدستور الأردني ينص على أن جميع المواطنين يطبقون الشريعة الإسلامية فيما يخص تقسيم الميراث. وقد جرى تعديل على القانون المدني عام 2011 وطالت هذه التعديلات نص المادة 109/2 لتنص على حكم جديد لمجالس الطوائف الدينية أو ما يسمى بالمحاكم الكنسية تمنحهم حق تطبيق الأصول والأحكام الخاصة بكل طائفة فيما يتعلق بقانون الأحوال الشخصية، أي أن كل كنسية لها الحق بتعديل تشريعاتها، ويعد هذا الأمر مدخلاً لكل طائفة لتبدأ بالتعديل على تشريعاتها. والجدير بالذكر أن أول كنيسة قد بدأت بتعديل تشريعاتها خاصة في ما يخص الميراث وأحكامه هي الكنيسة الأرثوذكسية.

وشكلت الكنيسة الأرثوذكسية في الأردن لجنة خماسية مؤلفة من أربعة رجال وسيدة واحدة للبدء بتعديل التشريعات الخاصة بالطائفة الأرثوذكسية بالإضافة لتعديل تشريعات الإرث وتقسيمه.

وكانت “المغطس” التقت  عضو من أعضاء اللجنة وهي القاضية “كرستين فضول” وهي أول قاضية كنسية في الأردن للحديث عن مطالبات المجتمع المسيحي بضرورة فصل الميراث المسيحي عن الشريعة الإسلامية. حيث قالت “للمغطس” بأنها تعتقد بأن التعديل على قانون الإرث المسيحي قد بات قريبًا وسيشمل كافة المسيحيين في الأردن.

ما كان في عدل

“لما توفى زوجي أهله قاسمونا الميراث بس ما كان في عدل لانه مافي قانون مزبوط وراحت الورثة للذكور وإحنا البنات تقريبًا ما طلعلنا إشي”، بهذه العبارات بدأت حلا حديثها “للمغطس” معبرةً عن استيائها ورفضها لما حصل معها هي وبناتها بعد وفاة زوجها وعند تقسيم الميراث. وتقول حلا -اسم مستعار- “أنا إحدى السيدات المتضررات من تطبيق تعليمات الشريعة الإسلامية بما يخص الإرث لدى المسيحيين”.

حيث تُطبّق الديانة المسيحية في الأردن في تقسيم الميراث تعليمات الشريعة الإسلامية “للذكر مثل حظ الأنثيين”، بالإضافة إلى إشراك أحد أقارب الزوجين في الميراث في حال عدم وجود ذكر في العائلة، وبالرغم من التعديلات التي طالت قانون الأحوال الشخصية المسيحي مرتين خلال المائة عام الماضية، إلا أن هذا التعديل لم يكن مرضيًا لعدد من أبناء الديانة المسيحية في الأردن بما يخص الميراث تحديداً، كونه يعتبره البعض مجحفا بحق الإناث داخل العائلة المسيحيّة، بالإضافة لاعتقاد أبناء المجتمع المسيحي في الأردن أنهم بحاجة لقوانين خاصة بهم، فهم يرون أن لكل دين خصوصيته وشرعيته يجب أن يطبقها أبناء الديانة بشكل إجباري ومن غير المنصف أن يتبع صاحب ديانة مختلفة شرعية ديانة أخرى.

والتقت “المغطس” مع عائلة مسيحيّة كانت قد تضررت من عدم وجود قانون واضح يخص الميراث لدى المسيحيين في الأردن.

فقالت السيدة نتالي “للمغطس” إنه وعند وفاة والدها فإن الميراث قد ذهب جزء كبير منه لأحد الأقارب “الذكور” على الرغم من أن من ذهب اليهم الميراث يتمتعون برفاهية عالية وحالة مادية مستقرة، وأدى هذا الأمر لقطيعة بين الأقارب ومشاكل لا حل لها، وأوضح السيد فاضل زوج السيدة نتالي أن عدم وجود قوانين قد أضاع الحقوق وقطع الأرحام وقال “للمغطس”  “بيكفي بدنا قوانين خاصة فينا”.

80.5% من عينة عشوائية من المجتمع المسيحي يريدون قوانين خاصة بهم تتعلق بالميراث وتقسيمه.

نشر موقع “المغطس” استبيان الكتروني غير علمي على شرائح مختلفة من المجتمع المسيحي في مختلف محافظات المملكة عبر وسائل التواصل الاجتماعي لمعرفة رأيهم حول مطالب فصل الميراث لدى المسيحيين عن الشريعة الإسلامية.

وأجاب على الاستفتاء 211 شخصاً، حيث تبين أن ما نسبته 80.5% أجابوا بنعم عند سؤالهم هل تؤيدون فصل الميراث المسيحي عن الشريعة الإسلامية وأجاب ما نسبته 13.7% بـ “لا”، و 6.6 % أجابوا بمحايد.

القاضية “كرستين فضول

 وصرحت فضول “للمغطس” أن الأسباب التي دفعت المجتمع المسيحي للخروج بهذه المطالبات بما يخص موضوع الإرث وفصله عن الشريعة الإسلامية كانت بدايته عند التعديل الدستوري الذي حصل عام 2011 حيث كان هذا التعديل السبب الأول لخروج هذه المطالبات.

ثانيًا: أن الرئاسة الروحية العليا ارتأت ضرورة تعديل التشريعات، وأن تتم هذه التعديلات بموجب الدستور الأردني.

ثالثًا: تعتبر هذه التشريعات قديمة جدًا إذ أنها منذ العهد البيزنطي وهي لا تنسجم مع التطورات التي تحصل داخل المجتمع الأردني.

رابعًا: الدولة الأردنية سبّاقة بما يخص إحقاق الحقوق وحقوق الإنسان والأردن قد وقّع على اتفاقيات ومواثيق دولية وتم نشرها في الجريدة الرسمية لتصبح جزء من المنظومة التشريعية الوطنية التي يجوز الاحتجاج بها في المحاكم الكنسية.

وصرحت فضول “للمغطس” أن هذه المطالبات بعدم اتباع الشريعة الإسلامية بتقسيم الميراث المسيحي مجدية لسبب أن المسيحيين يجب أن يتمتعوا بخصوصية دينهم، ليس لأن الإسلام لا يُنصف الشخص المسيحي لكن لضرورة وجود خصوصية لكل دين.

المحامي فراس عازر وهو عضو أيضا في اللجنة الخماسية المشكلة قال “للمغطس” من المعروف أن الميراث الإسلامي هو جزء من قانون الأحوال الشخصية وهو مستمد من أحكام الشريعة الإسلامية، وقد جرى العرف على مر السنين أن يتم تطبيق هذا القانون الإسلامي على جميع الساكنين على أرض المملكة مسلمين ومسيحيين دون استثناء، إلا باتفاق ما بين الورثة على تغيير مضمون التركة بينهم في المحاكم الكنسيّة”.

المحامي فراس عازر

ويتابع عازر “للمغطس” الان نحن بحاجة لوجود قانون مسيحي مستمد من أحكام الديانة المسيحية ويتناغم مع متطلبات المجتمع المسيحي الذي كان وما زال ينادي حاليًا بتعديل بعض الأحكام والقواعد خاصة مسألة توزيع التركة والمساواة بين الذكر والأنثى في الحصص الإرثية، ومسألة حجب الذكر للغير في التركة ومساواة الأنثى لإعطائها الحق في هذا الحجب أيضًا، ومسألة رفع حصة الزوجة غير الوالدة في التركة، كل ذلك يدعو إلى ضرورة وجود قانون مستقل للطوائف المسيحية خاص بالميراث والتركات ليتناسب مع متطلبات المجتمع المسيحي وينسجم مع تطلعاتهم وآمالهم بتطبيق أحكام الديانة المسيحية عليهم التي حقيقةً هي أحكام لا تختلف كثيرًا مع ما ورد في قانون الأحوال الشخصية الإسلامي، ولكن لضرورة وجود قانون مواريث مسيحي وفصله عن القانون الإسلامي لا بد بالنتيجة من أن يكون هناك قانون مواريث وتركات خاص بالطوائف المسيحيّة يطبق عليهم وحدهم وذلك على غرار ما ورد في الشريعة الإسلامية من أن يطبق قانون الأحوال الشخصية الإسلامي على المسلمين.

قوانين مجحفة بحق الإناث المسيحيات فيما يخص تقسيم الميراث

وقد استمرت الدعوات من النساء في المجتمع المسيحي بضرورة وجود انصاف لهنّ في توزيع التركة، فقد خرجت إحدى المبادرات من الناشطة الاجتماعية في حقوق المرأة “لينا نقل” والتي نشرت عريضة للتوقيع على تعديل قانون الأحوال الشخصية للمسيحيين في الأردن، والمساواة بين الذكر والأنثى في ما يخص توزيع التركات وقد تجاوب العديد من أبناء المجتمع المسيحي.

وعقّبت القاضية الكنسية كرستين فضول “للمغطس” على ما يتم تداوله بالإجحاف بحق الإناث المسيحيّات إن النساء المسلمات يأخذن حقهن كامًلا وفي حالات كثيرة يحصلن على أكثر من الرجل حسب ما وصلها من المجتمع الإسلامي، لكن المرأة المسيحية لا ينطبق عليها ذلك لخصوصية فهي ظُلمت في التطبيق وأكملت حديثها بأن الديانة المسيحية لا يوجد بها تعدد زوجات وهذا يعني أن العائلة المسيحية عددها أقل مما قد يقلل التواجد الذكوري فيها وبالتالي فإن تقسيم الإرث يعود على الأقرباء الذكور.

وأعربت فضول “للمغطس” عن أن هذه المشكلة لا يمكن حلها إلا في حالة وحدة وهي المساواة في الحصص. وأكدت القاضية كريستين أن التشريعات الكنسية فيما يخص موضوع الميراث غير منصفة بحق المسيحيين عامة والنساء خاصة غير المتزوجات بالإضافة للإناث اللواتي لا يمتلكن أخوة ذكور.

آراء متباينة من المجتمع المسيحي  فيما يخص موضوع الميراث.

وللوقوف عند آراء أبناء المجتمع الأردني المسيحي فيما يخص موضوع الميراث، سألت “المغطس” الأشخاص المسيحيين الذين قاموا بتعبئة الاستبيان الالكتروني الخاص بهذا التقرير عن ما هي الأسباب التي دفعتهم بالإجابة بنعم ومن هذه الإجابات:

” للمسيحيين قوانين أحوال شخصية ويتوجب من باب الحرية الدينية العمل بموجبها”

” القوانين في الكتاب المقدس من حيث الإرث وتوزيع الحصص هي بالتساوي بين الرجل والمرأة، وذلك يخالف الشريعة الإسلامية التي تقول ان للرجل ضعف الحصة”

“ارغب ان يكون الميراث متساوي بين الولد والبنت وأن وجود أي ابن او ابنه يحصر الميراث بالابناء وأن لا يحرم أبناء المتوفي قبل أبيه من الميراث وان لا يعتد بتنازل البنات للاولاد تحت الضغط”

وأما عن الذين قد أجابوا بلا فكان تبرير إجاباتهم كما يلي:

“لانه في مجتمعنا الرجل بتحمل جميع تكاليف”

” الشريعه الاسلاميه بخصوص الإرث ماخوذه من التوراه”

” ليس مع تغير عاداتنا”

دول شقيقة كانت سباقة بإصدار قوانين خاصة بالإرث المسيحي وتقسيمه.

يذكر أن لبنان الدولة السبّاقة في المنطقة. إذ يشمل قانون 1959 الخاص باستحقاق الإرث جميع أبناء المتوفى الشرعيين وفروعهم دون تفرقة بين الذكور والإناث، وبين الأبناء المولودين من زيجات مختلفة، والمنتمين إلى أصل واحد. إذ ينص القانون على تقسيم التركة بينهم بالتساوي بعد أن يحسم منها نفقات تجهيز الميت ودفنه.

وفي العام 2011، نجحت الطوائف السورية في إقناع الحكومة بضرورة سن قانون خاص بالطوائف المسيحية الشرقية، يسمح بمساواة الرجل والمرأة في قضايا الإرث، وتطبيق مبدأ الوصية مع تعديل بسيط يتصل بـ”مال تركة من لا وارث له” من المسيحيين إلى الخزينة العامة.

 هذا وقد أقر في  المجمع الكنسي اللوثري في فلسطين قانون للأحوال الشخصية الخاصة بأعضاء الكنيسة شمل أربعة محاور مفصلية تم نشره في كتاب يشمل 180 مادة صدر في 1-1-2016 تشمل:

1.      المساواة الكاملة بين الرجل والمرأة عند الزواج وأثناءه وبعده على أساس أن الزوجين متساويين في الحقوق والواجبات.

2.      الحق لكل من الزوجين في حالات استثنائية حددها القانون التوجه لطلب الانفصال أو فسخ الزواج أو إبطاله أو بطلانه.

3.      الحق المتساوي للجنسين فيما يرثه أي منهما عن ذكر أو أنثى

4.      حق التبني للجنسين

أضف تعليقك