"اعترافات الصمادي": استمرار لمسلسل الابتزاز

"اعترافات الصمادي": استمرار لمسلسل الابتزاز

الاعترافات المنسوبة للأردني حسام الصمادي بأنّه حاول القيام بعملية دمار شامل، لا تمثّل سوى حلقة جديدة من الابتزاز غير الأخلاقي تجاه هذا الفتى، بعد أن تمّ اصطياده والإيقاع به من قبل الأجهزة الأمنية الأميركية.

منذ اللحظة الأولى للاعتقال، واعتماداً على الرواية الأميركية ذاتها، فإنّ ما حدث مع الصمادي هو استدراج وتغرير من قبل جهاز أمني محترف، كان يفترض به أن يحميه من السجن ومن الانزلاق إلى أعمال إرهابية، لا أن يورّطه في قضية يدفع ثمناً لها حياته كاملةً.

لو أنّ الفيلم الأميركي (البوليسي) توقّف عند لحظة الإيقاع بالفتى واكتشاف أنّ لديه نزوعاً متطرفاً، من ثمّ ترحيله، لقلنا إنّ ذلك عمل وقائي مبرّر، أمّا أن يتولى الأمن إقناعه، ومن ثم توفير كل ما يلزم العملية، والتحضير لها، ودفعه إليها، فإنّ ذلك يتجاوز تماما الاعتبارات الأخلاقية والإنسانية، ويعكس أجندة أمنية متضخمة لإحراز مكاسب داخلية مجانية على حساب هذا المسكين وأسرته.الصفقة" المزعومة بين محامي الصمادي والادعاء الأميركي هي بمثابة تخيير بين مصيرين مأساويين؛ أن يُسجن مدى الحياة أو أن يُسجن ثلاثين عاما! بخاصة أننا أمام قضية تتعلق بـ"الإرهاب"، تُحجّم فيها العدالة الأميركية بقوانين لا تمنح الصمادي أيّ فُرصٍ حقيقية لإثبات حقيقة التضليل والتغرير الذي وقع عليه.

كان الأصل أن تدرس الخارجية الأردنية القضية كاملةً وتبحث في عدالتها، ومدى حقّ السلطات الأميركية بالوصول إلى هذا المدى من الإيقاع والتغرير بمواطن أردني ما يزال في ريعان شبابه، والزج به في السجن ما تبقى من حياته.

دور خارجيتنا تجاه المواطن حسام الصمادي، هو سياسيٌ بامتياز، وضاغط، وليس ثانويا، فالخارجية مطالبة بالدخول على القضية مع السلطات الأميركية لضمان توفير شروط حقيقية للعدالة، وذلك أدنى حق له على دولته.

لسنا أمام شخصية متطرفة في الأصل، له ماضيه وخبراته في هذا المجال، ذهب إلى الولايات المتحدة من أجل مهمة محدّدة فقط، وهي القيام بعملية لمصلحة القاعدة!

على النقيض من ذلك تماما، حسام قصة إنسانية محزنة، ليس له ماضٍ ولا صلات هنا مع جماعات السلفية الجهادية، ولم يذهب إلى أميركا وهو يعد لعملية دمار شامل!

ما حدث مع الصمادي أصاب أيضا آخرين، لم يكن دور الخارجية مشجّعاً معهم، والمثال القريب هو الأكاديمي الأردني الذي فقد حياته قبل شهور، في معتقلات دولة شقيقة، من دون أن يرتكب جُرما يستحق عليه ذلك.

المواطنة تعني باختصار عقدا اجتماعيا بين المواطن والمجتمع والدولة، وأحد مضامين هذا العقد حق المواطن على دولته في حمايته داخل حدودها، وخارجها، إن أمكن، وذلك يشمل منع اعتداء دولة أخرى عليه، كما يحدث حاليا مع الصمادي."

أضف تعليقك