الحق النيابي تحت القبة بين الحرية الدستورية وتقييدات النظام الداخلي

 

لم يخل مجلس من مجالس النواب الأردنية من حالات احتجاج على الحكومة مجتمعة او وزراء بعينهم من جهة أخرى، فضلا عن الاحتجاجات النيابية ــ النيابية، وفي الوقت الذي ذهبت بعض تلك الاحتجاجات إلى أبعد مما تحتمله اخلاقيات العمل النيابي فضلا عن تجاوزها على القانون ، فإن احتجاجات أخرى عديدة ظلت تمثل في جوهرها عملا مقبولا ومشروعا..

ولم يخل مجلس من مجالس النواب السابقة من اشتباكات بالايدي او خلافات حادة في الرأي تصل الى حد المقاطعة والتهجم وصولا للتهديد والاشتباك بالايدي، وفي حالات كثيرة كانت تلك المشكلات تؤدي الى قطع الجلسات ورفعها.

معظم تلك الخلافات لم توصل أصحابها الى العقاب، وظل عن سابق إصرار النظام الداخلي لمجلس النواب معطلا تماما، بالرغم من أنه تناول تنظيم وقوننة مثل تلك الخلافات وصولا الى حد فرض عقوبات على المخالفين.

وبالنظر الى النطام الداخلي لمجلس النواب وما نصت عليه مواده من عقوبات، ومن مخالفات توجب المحاسبة فان المادة (87 ) منه منحت للنائب سلطة الحديث تحت القبة دون مؤاخذة أو مساءلة لرأي يبديه أو موقف يتخذه( لكل عضو من أعضاء مجلسي الأعيان والنواب ملء الحرية في التكلم وإبداء الرأي في حدود النظام الداخلي للمجلس الذي هو منتسب إليه، ولا يجوز مؤاخذة العضو بسبب أي تصويت أو رأي يبديه أو خطاب يلقيه في أثناء جلسات المجلس )، إلا أن هذا الحق لم يكن مطلقا على إطلاقه بل قام النظام الداخلي للمجلس بتنظيمه وقوننته في إطار المحافظة على أمن المجلس، واحترام الرأي والخلاف، بما في ذلك احترام العمل تحت القبة ضمانا لسيرورته وانسجامه.

لقد أفاض النظام الداخلي لمجلس النواب في ترتيب وتقييد هذا الحق الدستوري للنائب حفاظا على العمل النيابي وأخلاقياته، فقد نصت المادة (115 ) من النظام الداخلي على عدم الجواز مطلقا لأي نائب أن (أن يستعمل ألفاظاً نابية أو عبارات غير لائقة أو فيها مساس بكرامة المجلس أو رئيسه، أو بكرامة الأشخاص أو الهيئات أو مساس بالنظام العام أو الآداب العامة، كما لا يجوز مطلقاً أن يأتي العضو امراً مخلاً بالنظام ).

ومنحت المادة (109 ) من النظام الداخلي الحق ( لكل عضو ورد في الكلام ما يمس بكرامته، أو أسندت له أمور شائنة أو استعملـت في الكلام عنه عبارات غير لائقة أو أسيء فهم كلامه أو موقفه، أن يرد إذا طلب ذلك عقب المتكلم مباشرة أو في أي وقت آخر يطلبه، لنفي ما وجه إليه أو تصحيح ما أسيء فهمه وله طلب الاعتذار من المتكلم أو إحالة الموضوع إلى التحقيق ).

وحدد النظام الداخلي ( المادة / 116 / أ ) آلية منع المتكلم من متابعة كلامه في عدة حالات مقيدة فقط وحصرها برئيس المجلس ودون حاجة الرئيس لتصويت المجلس وهي:

1- إذا تعرض للملك بما لا يليق أو تناول مسؤوليته في غير ما نص عليه الدستور.

2 - إذا تكلم دون إذن الرئاسة.

3- إذا تفوه بعبارات نابية بحق أحد النواب أو إحدى اللجان أو الكتل النيابية أو الائتلافات النيابية أو الحكومة أو أحد وزرائها.

4- إذا تعرض للحياة الخاصة للغير.

5-إذا تعرض بالتحقير لشخص أو هيئة، ما لم تكن أقواله مؤيدة بحكم قضائي قطعي.

6- إذا تعرض لوقائع قضية معروضة أمام القضاء وبما يؤثر على سير العدالة فيها.

7- إذا انتهت مدة الكلام المسموح له بها.

وبحسب الفقرة"ب" من المادة السابقة فانه لا يجوز( في غير السابقة منع المتكلم من الكلام إلا بقرار من المجلس ).

وبموجب الفقرة "ب" من( المادة 117) التي منحت لرئيس السلطة منفردا ان يقاطع النائب المتكلم او يبدي ملاحظات على كلامه فان الفقرة (أ) من نفس المادة ألزمت المتكلم بالتقيد( بموضوع النقاش وآدابه وعدم الخروج عنه وعدم تكرار أقواله أو أقوال غيره من الأعضاء وللرئيس وحده أن يلفت نظر المتكلم إلى انه خرج عن الموضوع أو أن رأيه قد أتضح بشكل كاف وانه لا مجال للاسترسال بالكلام ).

ولرئيس المجلس لفت نظر المتكلم مرتين فقط خلال الجلسة الواحدة، وفي حال استمر المتكلم بالحديث فللرئيس" أن يأخذ رأي المجلس على منعه بقية الجلسة من الكلام في الموضوع نفسه، ويصدر القرار بدون مناقشة ــ الفقرة ج من المادة 117 ــ ،وللرئيس حرمان العضو من استخدام نقاط نظام إذا طلب العضو نقطة نظام مرتين ولم تكن كذلك ــ الفقرة د من المادة 117 ـ".

ويحق للمجلس (المادة 118 ) بناء على طلب الرئيس أن يقرر إخراج كل عضو من قاعة الجلسة يقرر المجلس منعه من الكلام ولم يمتنع أو عاد للإخلال بالنظام، ويترتب على قرار الإخراج حرمان العضو من الاشتراك في أعمال المجلس بقية الجلسة وعدم إثبات شيء مما قاله في المحضر واعتباره غائباً عن الجلسة ولو لم ينسحب.

و(اذا صدر قرار من المجلس بحرمان العضو من حضور بقية الجلسة ولم ينفذه طوعاً، فللرئيس أن يوقف الجلسة ويتخذ من الإجراءات ما يلزم لتنفيذ القرار وفي هذه الحالة يمتد الحرمان تلقائياً إلى الجلسات الثلاث التالية ــ المادة 119 ــ ).

وبموجب (المادة 120 ) فإنه(يترتب على قرار الحرمان من الاشتراك في أعمال المجلس إعلان ملخص قرار المجلس في مركز الدائرة الانتخابية التي يمثلها العضو او على النحو الذي يراه وقطع مخصصاته عن مدة الحرمان )، لكن المادة ( 121 ) سمحت(للعضو الذي حرم من الاشتراك في أعمال المجلس أن يطلب وقف القرار ابتداء من اليوم التالي لحرمانه وذلك بإعلان أسفه واعتذاره خطياً عن عدم احترام قرار المجلس ويتلى ذلك في أول جلسة تالية ).

وألزمت مدونة السلوك النيابية التي اقرها المجلس كجزء من نظامه الداخلي النواب على" احترام المجلس وتجنب ما من شأنه الإساءة إلى سمعته وهيبته باعتباره أحد أهم مؤسسات الدولة، واحترام الآراء الفكرية ووجهات النظر السياسية للآخرين "المادة 3 من المدونة ـ ".

ومنحت المادة (6) من المدونة لرئيس المجلس صلاحية 

إحالة اية مخالفة نص عليها النظام الداخلي إلى لجنة النظام والسلوك لتقديم التوصية المناسبة، وإشعار النائب شفوياً أو خطياً بالخطأ المرتكب

أضف تعليقك