"المشاريع الريادية الخاصة"..فرص الشباب في مواجهة البطالة

يحظى مجالُ ريادة الأعمال اليوم بالاهتمام والدعم من مختلف الجهات المعنية؛ نظراً لأهميته في التنمية الاقتصادية وتنشيط الحركة التجارية من خلال خلق فرص عمل جديدة تتناسب مع التطور الذي يشهده العالم.

لتتجه الأنظار لتغيير وجهة نظر الشباب من البحث عن عمل لخلق فرصة عمل جديدة تحت مسمى "المشاريع الريادية الخاصة".

ونظرًا لكون الشباب محور هذه العملية فلا بد من العمل على تنمية قدراتهم الإنتاجية وإرفادهم بالخبرات والمهارات لتنمية روح الإبداع والابتكار لديهم مع ضرورة إيجاد بيئات حاضنة و محفزة وداعمة لفكر الشباب الريادي  لتجعل من الفكرة والنظرية واقع مربح اقتصادي.

ويعد الصندوق الأردني للريادية والذي تأسس عام 2017 كشراكة مع البنك الدولي والبنك الأردني أول توصية للجنة السياسيات الوطنية لدعم الرواد والحياة الريادية في الأردن، ليوضح المدير التنفيذي للصندوق المهندس ليث القاسم أنّ الصندوق يعمل على محورين أولها محور الاستثمار وذلك عن طريق الاستثمار في صناديق تخدم الرواد في الأردن ليستطيع الصندوق اليوم إنشاء عشرة صناديق استثمارية سواء كانت محلية أو إقليمية حتى عالمية لتساعد في فتح أسواق جديدة مما يزيد من فرصة الاستثمار في المملكة.

وعن محور عمله الثاني أوضح القاسم أنه محور تدريبي يركز على تقديم التدريب للشركات الريادية سواء القائمة أو الحديثة وذلك من خلال تدريبهم في مجال " الجاهزية للاستثمار"  قبل البدء بعملية الريادة، بالإضافة إلى العمل على إنشاء منصة إلكترونية تربط كل الجهات ذات العلاقة بالاقتصاد الأردني معاً لتساعدهم في إنجاز أعمالهم.

ليشيد القاسم بضرورة أن تكون الأعمال الريادية تتناسب مع القطاعات الجديدة مثل مجال الذكاء الاصطناعي والخدمات اللوجستية لتطوير مهارات الشباب في هذه المجالات لخلق فرص عمل تتناسب مع معطيات الحياة الجديدة.

أوضح القاسم وجود حاضنات لكل أنواع المشاريع باختلاف القطاعات فالصندوق يستثمر في كل القطاعات باستثناء قطاع العقارات والأراضي والصناعات الثقيلة.

ومن أحد الجهات الداعمة للشباب،  هيئة شباب كلنا الأردن والتي تهدف إلى تفعيل دور الشباب كشريك حقيقي ومؤثر في الحياة العامة، سواء على الصعيد الاجتماعي أو السياسي أو الاقتصادي، من خلال بناء قدرات الشباب وتعزيز ثقافة المبادرة والعمل التطوعي لديهم.

كما تمتلك الهيئة العديد من البرامج التي تهدف إلى زيادة قدرة الشباب على المنافسة في سوق العمل من خلال تزويدهم بالمهارات والخبرات الموائمة  واحتياجات ومتطلبات السوق منذ تأسيسها عام  2006 لتكون ذراع لصندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية .

مدير عام هيئة شباب كلنا الأردن المحامي عبد الرحيم الزواهرة أوضح أن الهيئة تعتمد في وضع خططها على المعطيات الموجودة والأفكار المقدمة من الشباب ليتم صياغة خطط وبرامج تحاكي أفكارهم وتطور مهاراتهم وفق متطلبات سوق العمل بعد إجراء دراسة بمتطلبات السوق .

وأشاد الزواهرة بضرورة تحويل التحديات الموجودة لفرص مع ضرورة تدريب الشباب على مواجهة التحديات واستغلال الفرص وذلك من خلال محور  رئيسي مطروح في الهيئة تحت مسمى  "التمكين الاقتصادي " والذي طرح في إحدى الأوراق النقاشية الملكية عندما تحدث الملك عبدالله الثاني عن  ضرورة  التخفيف من التحديات التي تواجه الشباب، ليقسم المحور لقسمين الأول دورات "شبابنا منتج" يتم فيها تعليم الشباب آلية عمل مشروع ريادي وفي حالة وجود مشروع حقيقي تقوم الهيئة بتقديم دراسة جدوى مجانية بالتعاون مع إرادة، بالإضافة إلى تشبيك الشباب الريادي والجهات التمويلية المانحة معاً.

ليتمثل المحور الثاني بدراسة متطلبات سوق العمل بالشراكة مع المؤسسات المولدة لفرص العمل .

وعن التحديات التي تواجه الهيئة أوضح الزواهرة أنها تكمن في كيفية مخاطبة عقول الشباب لتغير تفكيرهم نحو التفكير بإبداع وريادة بشكل غير تقليدي بالإضافة إلى تحدي  كيفية التسويق لمشاريعهم الريادية لتقوم الهيئة باستكمال ثلاثة عشر محطة معرفة بكل محافظات الأردن تقدم حقيبة تدريبة ب40 دورة في مجال مواكبة الثورة الصناعية والمعرفة الحديثة.

ومن التحديات التي تواجه العمل الريادي الحصول على منح  وتمويل لتطبيق المشاريع الريادية وحتى في حال وجود الدعم هناك بعض الإجراءات  القاسية وطويلة المدى التي تعيق المشاريع  تطبيق هذه المشاريع على أرض الواقع.

وأضاف الزواهرة أن الهيئة غيرت من خطتها التدريبة لتضيف لها دورات تشغيلية جديدة تتماشى مع متطلبات واحتياجات سوق العمل مثل الذكاء الاصطناعي والريادة والترجمة وغيرها، ليؤكد  ضرورة إعادة التفكير بمدخلات ومخرجات العملية التعليمية لتتناسب مع  احتياجات ومتطلبات المرحلة القائمة.

كما أطلق ديوان الخدمة المدنية مشروع الرخصة الوطنية الأردنية لريادة الأعمال لتغير بوصلة الشباب أصحاب التخصصات الراكدة إلى العمل  في القطاع الريادي ، ليوضح مدير المشروع أحمد الطورة أن مشروع الرخصة الوطنية الأردنية جاءت كمبادرة مشتركة مع عدة جهات مثل جامعة البلقاء ومركز تطوير الأعمال ووزارة العمل وذلك لدعم وتنظيم الحياة الريادية في الأردن.

وأوضح الطورة آلية الاستفادة من برنامج الرخصة الوطنية ليحق لكل شخص من أصحاب التخصصات الراكدة من الدخول إلى اختبار في كليات جامعة البلقاء، مكون من مئة سؤال  وثلاثون معيار تحدد  مسار المشاريع الريادية التي تحتاج لها كل محافظة بعدها يدخل الناجح إلى برنامج الرخصة الوطنية والمكون  من200ساعة تدريبة مدته ثلاثة أشهر يقسم ل٣0% نظري من خلال كليات جامعة البلقاء  و70%عملي  من خلال مركز تطوير الأعمال في المحافظات  وليقوم بعدها المشترك بإجراء دراسة جدوى اقتصادية  في إرادة ليقدم بعدها مشروعه للرخصة الوطنية ليخضع للاختبار أخيرًا في حال تجاوزه للاختبار يحصل على الرخصة الوطنية لريادة الأعمال وفي حالة عدم تجاوز الاختبار يكون قد حصل على كل المهارات والخبرات المتعلقة بمجال ريادة الأعمال.

وتدعم مؤسسة تطوير المشاريع الأردنية (JEDCO) تطوير الأعمال الناشئة والشركات الصغيرة والمتوسطة في الأردن، بالإضافة إلى تنمية المشاريع الناشئة والصغيرة والمتوسطة من خلال  برامج نوعية متخصصة داعمة لقدراتها الفنية والإدارية والتسويقية مع التركيز على زيادة الكفاءة مما يعزز استدامتها محليا وتنافسيتها دوليا.

 وتتمثل مهمة  المؤسسة  في إطلاق برامج تنمية وتطوير للمشاريع الاقتصادية في مختلف القطاعات الإنتاجية والسعي لتحسين بيئة الأعمال وزيادة الناتج القومي الإجمالي.

 كما تقدم المؤسسة دعماً فنياً ومالياً من خلال برامج متخصصة يتم تصميمها وفق حاجات القطاعات الاقتصادية المختلفة في مختلف المحافظات بما يتواءم مع الاستراتيجيات الوطنية للدولة بهدف تحسين القدرات التنافسية للمشاريع  وتعزيز نموها محلياً ودولياً.

وتتمتع المؤسسة بشخصية اعتبارية ذات استقلال مالي وإداري ويتولى إدارتها مجلس إدارة يرأسه وزير الصناعة والتجارة والتموين ويضم في عضويته ممثلين عن القطاعين العام والخاص.

مدير مديرية دعم القطاع الخدمي في الأردن في المؤسسة الأردنية لتطوير المشاريع الاقتصادية "جدكو" إلهام أبو نجم   تحدثت عن معايير قبول أي فكرة ريادية  فلابد من توفر شروط مثل أن يكون صاحب الفكرة أردني الجنسية يبلغ الثامنة عشرة من العمر مع إمكانية قبول أفكار ريادية لمن هم دونه، بالإضافة بأن يتعهد صاحب الفكرة الريادية الحاصل على التمويل بأن يستغل المنحة كاملة في تطبيق فكرته الريادية فقط.

وأوضحت أبو نجم أن بعد عملية التقييم الفني للفكرة من حيث قابليتها للتطبيق والاستمرار والتطور تعطى المنحة بشرط تسجيل المشروع بشكل رسمي في الوزارة  أو الجهة المعنية .

لتؤكد أبو نجم أن مؤسسة تطوير المشاريع الأردنية تركز على أصحاب المشاريع من الأعمار الصغيرة لتبني لديهم فكر ريادي كامل من حيث مفهوم الريادية وكيف يتم طرح المشروع لسوق العمل وآلية تطبيق المشروع  وتسجيله بشكل رسمي من خلال فترة تدريبة تستمر لثلاثة أشهر ليستطيع صاحب هذا الفكرة الوصول إلى عملية تصدير منتجاته لدول أخرى في بعض الأحيان ليستمر تقديم الدعم والخبرات حتى سنة كاملة تضمن تحول الفكرة إلى مؤسسة مستدامة  قائمة بحد ذاتها .

أحد أصحاب المشاريع الصغيرة المهندس طارق بشتاوي تحدث عن  مشاريعه الريادية والتي كانت بالتعاون مع المركز الأعلى للسكان الذي حصل على دعمه من خلال إعلان عن معسكر تدريبي يتم فيه طرح أفكار ريادية ليتم بعدها اختيار بعضها ضمن شروط معينة .

فمشروعه الأول" قفيرB "كان في إنتاج وتسويق منتجات نحل العسل الاصلي بالإضافة  لمشروع "الزراعة المائية" القائم على تصميم  وحدات زراعة مائية وفق موقع البيت والسبب وراء هذه الفكرة بسبب الفقر المائي في الأردن واستهلاك الزراعة لكميات كبيرة من الماء ليكون التوجه الى البحث عن أساليب زراعية توفر من استخدام الري التقليدي فيها، الزراعة المائية توفر 95% من الماء المستهلك في الزراعة التقليدية ، لتتمكن بعض ربات البيوت من بيع هذه المنتجات الزراعية من الخضروات والفاكهة في  السوق المحلي.

ليضيف البشتاوي أنه هناك دعم جزئي للفكرة ولكن التحديات كانت تكمن في التسويق للمشروع وللمنتج في ظل المنتجات المطروحة والمعروفة وبعضها يكمن في اقناع الأشخاص بفكرة المشروع الريادي .

وأوضح البشتاوي أن التحديات جزء من أي مشروع فلا بد من العمل على تخطيها والبحث عن مصادر تمويل لتصبح فكرتك واقع تستفيد منه أنت أولًا إضافة لإمكانية أن يستفيد غيرك  منها في حالة نجاح وتطور هذه الفكرة.

وهذا ويؤكد خبراء في مجال العمل الريادي أن الوصل لبيئة مجتمعية حاضنة للمشاريع الريادية فلابد من أن يكون هنالك تعاون بين مختلف الجهات والمؤسسات بالإضافة إلى إعادة النظر في المناهج التعليمية لتصبح محفزة للإبداع والابتكار والريادة.

 

أضف تعليقك