ما يقارب 1% من الشباب الأردني في الأحزاب السياسية

فرض قانون الأحزاب السياسية رقم 7 لعام 2022،[1]  نسبة مشاركة الشباب في الأعضاء المؤسسين للحزب السياسي 20%، والنسبة ذاتها لمشاركة المرأة أيضاً، وهو ما وجده بعض الأحزاب عائقاً أمام تصويب أوضاعهم.

 

ورغم تصويب الكثير من الأحزاب السياسية لأوضاعها استناداً للقانون الجديد، إلا أن مشاركة الشباب في الأحزاب السياسية الأردنية ما زالت موضوعاً شائكاً يرى الكثير أن معوقاته عدة تتجاوز الأحزاب ذاتها، منها ما هو متعلق بالجذور الراسخة لحقبة كان العمل الحزبي في الأردن محظوراً ويلاحق كل من ينتمي لحزب سياسي، وآخر يتعلق بالأوضاع الاقتصادية التي تضاعفت حدتها منذ جائحة كورونا.

 

لكن الأمر لا يتوقف هنا، في ظل رؤية العديد من الشباب الذين يرفضون الانتماء للأحزاب السياسية، بسبب الأنظمة الداخلية للأحزاب ذاتها وعدم مواءمة برامجها السياسية متطلباتهم أو رؤيتهم للحياة السياسية والاقتصادية في الأردن.

 

فرح مصطفى (28 عاما)، والتي تعمل بالمجال الطبي، ترى أن الأحزاب السياسية فشلت في إيصال نفسها للشباب والترويج لبرامجها، "يعني لما كنت أصغر كمان كان عندي تخوفات أكتر، هلا بحس أنه لا، بس ما بعرف هل أصلاً راح يكون موجود في حزب يحقق هاي التطلعات اللي إحنا بدنا إياها".

كما أن التخوفات من التضييق الأمني ما زالت حاضرة في ذهن الشباب حسب قول مصطفى، "لسه في تضييق ولسه في تخوفات ولسه الواحد يتلقى تنبيهات، وأنه ما تخبصي يعني هاي الجملة كتير سمعتها.. تخبصيش بالحكي، ما تحكيش الزيادة كذا".

 

لكن محمد نخلة (21 عاماً)، طالب علاقات دولية ودراسات استراتيجية، وعضو في الحزب الديمقراطي والاجتماعي، قرر أن ينتسب لحزب الديمقراطي الاجتماعي الأردني لاهتمامه في الحياة السياسية والحزبية في الأردن.

 

"أدركت أن الأحزاب السياسية هي الوسيلة الأساسية والوحيدة لممارسة الحياة السياسية بالطريقة الصحية والسلمية، بالاضافة إلى الجانب الوطني بأن أكون شاب مشارك في الحياة السياسية من أجل رفعة الوطن وأكون جزء من قطار الإصلاح السياسي الذي نمر به حاليا". يقول نخلة.

ويؤكد نخلة بأن مشاركة الشباب في الحياة السياسية والحزبية في غاية الأهمية لكونها تعمل على تعزيز الجانب السياسي والثقافي والاجتماعي والاقتصادي لدى الشباب، وتضفي على شخصياتهم سمات القيادية والثقة بالنفس.

 

"الأردن تعتبر دولة فتية.. بالتالي مشاركة هذه الشريحة هو أمر مهم، بالإضافة إلى أننا نحتاج إلى دماء جديدة تمتلك خبرات جديدة ومهارات جديدة، وطريقة تفكير مختلفة عن القديمة ومؤمنة بعملية الإصلاح السياسي ومخرجات اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية". يقول نخلة.

 

قانون الأحزاب السياسية

 عرف قانون الأحزاب السياسية لعام 2022، الحزب السياسي بأنه "تنظيم سياسي وطني، يتألف من أردنيين تجمعهم قيم المواطنة وأهداف وبرامج ورؤى وأفكار مشتركة، ويهدف إلى المشاركة في الحياة السياسية والعمل العام بطرق سلمية ديمقراطية لغايات مشروعة ومن خلال خوض الانتخابات بأنواعها، بما فيها الانتخابات النيابية، وتشكيل الحكومات أو المشاركة فيها وفقا للمادة (35) من الدستور".

 

وبلغ عدد الأحزاب السياسية المرخصة 38  حزب سياسي، حتى تاريخ الأول من شهر نيسان، وفق الهيئة المستقلة للانتخاب.

 

واستنادا للقانون الذي تم إقراره عام 2022، فقد نص قانون الأحزاب السياسية بأنه يحق لما لا يقل عن 300 من الأردنيين التقدم بطلب تأسيس حزب سياسي، على أن لا يقل عدد الأعضاء المؤسسين للحزب تحت التأسيس عند انعقاد المؤتمر التأسيسي عن ألف شخص، وأن يتضمن 20% من الأعضاء المؤسسين من الشباب الذين تتراوح أعمارهم ما بين 18 إلى 35 عاماً، و20% من النساء.

 

جاء هذا التعديل على قانون الأحزاب السياسية لعام 2015، والذي خلا من تحديد هذه النسب، لكنه في ذات الوقت، حدد نسب في نظام المساهمة في دعم الأحزاب السياسية آنذاك، والذي اشترط لاستحقاق الحزب المساهمة المالية في أحد معاييره أن لا تقل نسبة النساء بين أعضاء الحزب عن 10%.

 

كما وتنص المادة 15 من قانون الأحزاب السياسية، على أن يلتزم الحزب في ممارسة أنشطته بمجموعة مبادئ وقواعد منها؛ البند (ي) المتعلق بضمان حق منتسبيه من فئتي المرأة والشباب في تولي المواقع القيادية فيه، واستقطاب الأشخاص ذوي الإعاقة وتمكينهم واستثمار طاقاتهم في خدمة أهداف الحزب وتوفير الترتيبات والمرافق التيسيرية وإمكانية الوصول لممارسة نشاطهم.

 

ورغم ما يراه البعض بأن تحديد نسبة مشاركة للشباب في الأحزاب بالقانون قد تحفز الأحزاب للتوجه للشباب؛ لكن أمين سجل الأحزاب في الهيئة المستقلة للانتخاب أحمد أبو زيد يرى أن القانون والتشريعات دائماً تضع الأرضيات، ويبقى التطبيق وقناعة الناس بالتشريعات والذهاب لما بعدها.

 

"لم تكن سابقا القوانين تذكر وتحدد نسب، واليوم لن يؤسس الحزب وتكتمل شروطه اذا لم يوفر هذا العدد، اليوم المشرع أوجد هذه الأرضيه أو الفرصة، والشباب عليهم دور في التقاط هذه الفرصة التي أوجدها المشرع، والدفاع عن هذا الحق الذي أوجده المشرع ليس ليكون فقط عدداً كما أوجده القانون وإنما فعل وحضور على الأرض"، يقول أبو زيد.

 

أما مدير مركز القدس للدراسات السياسية عريب الرنتاوي يرى أن التحسن في مشاركة الشباب في الأحزاب السياسية ملحوظ، كما أن هناك إقبال على العمل العام عموماً وخاصة العمل السياسي الحزبي. 

 

بشأن تحديد نسبة 20% شباباً من الأعضاء المؤسسين يقول الرنتاوي "أنا في الحقيقة لم أكن مع تحديد النسب زي ما حطوها، لكن لعبت دور إيجابي في شغلتين، الشغلة الأولى أنها أجبرت الأحزاب على التفكير جديا بالتوجه نحو الشباب والنساء، والنقطة الثانية أنه أشعرت الشباب بهذا الطلب عليهم وأن الدنيا يعني تغيرت، بمعنى أن الأحزاب صارت تجينا مش إحنا بدنا نروح، والأحزاب تقدم لنا ضمانات وتطمينات مش إحنا بدنا يعني نبحث عنها".

 

هل تحديد نسب لمشاركة الشباب في القانون جاءت بقبول حزبي؟ 

 

يعلق رئيس المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الاجتماعي الأردني، جميل النمري على ذلك بقوله "أعتقد أنها منطقية، وتشجع الأحزاب على المشاركة، وهنالك اعتراضات ترى أن ذلك غير ديمقراطي، وأن الشباب يجب أن يحصلوا حضورهم في الأحزاب بطريقة طبيعية ويذهبوا للمراكز القيادية بالانتخاب الطبيعي، لكن بوجود نسبة للشباب في الأحزاب، فإن الأحزاب تجبر نفسها للتوجه نحو الشباب".

 

بينما ترى أمين عام حزب العمال رولى الحروب أن تحديد نسب لمشاركة الشباب في الأحزاب؛ قد تبدو في ظاهرها محفزة، لكن في واقع الأمر ليس لها أي انعكاس حقيقي على واقع الحياة السياسية في الأردن ولا على تشجيع الشباب للمشاركة في الأحزاب السياسية.

 

"الشباب ليسوا معنيين في تحديد نسبة لهم في القانون هم معنيين بأن يروا الأحزاب في حالة عمل، ويشوفوا الحزب دخل البرلمان وأصبح جزء من السلطة التنفيذية وقادر أن يؤثر على الحياة اليومية للشباب، وقادر أن يؤثر على مستويات الأسعار ويوجد فرص عمل وقادر على حل مشاكل الغلاء وتخفيض الضرائب وحل للرسوم الجامعية".

 

1% نسبة مشاركة الشباب الأردني في الأحزاب السياسية 

 

وفق موقع الهيئة المستقلة للانتخاب فإن عدد الأحزاب السياسية بعد تصويب الأوضاع وفق القانون الجديد بلغ 37  حزب سياسي، بمجموع 83574  عضو، كان عدد الشباب منهم 32111  عضو والذين تترواح أعمارهم ما بين 18-35 سنة. أما عدد الإناث اللواتي انتسبن لأحزاب سياسية فقد بلغ 36690  عضو.

 

وتظهر تلك الأرقام بأن نسبة الشباب من عدد أعضاء الأحزاب السياسية وفق موقع الهيئة المستقلة للانتخاب، هي 38% من مجموع أعضاء الأحزاب، بينما تبلغ نسبة مشاركة المرأة في الأحزاب ما يقارب 44%.

 

2-02.png

 

ولتحديد نسبة مشاركة الشباب والمرأة من المجتمع الأردني بالكامل، تم اعتماد قوائم الناخبين لعام 2024 الصادرة عن الهيئة المستقلة للانتخاب؛ حيث بلغ عدد الناخبين 5052946، كان عدد الشباب منهم، ما يقارب 2322957 ناخب وناخبة شباب، أي أن نسبة الشباب الأردني المشارك في الأحزاب تبلغ ما يقارب 1% فقط، بينما تبلغ نسبة مشاركة المواطنين في الأحزاب استنادا لقوائم الناخبين لعام 2024 ما يقارب 2%.

2-03.png

 

واحتل حزب الشباب الأردني أكثر الأحزاب مشاركة للشباب حيث بلغت نسبة مشاركة الشباب في الحزب ما يقارب48%  تلاه حزبي الوفاء الوطني الأردني وحزب رؤية بما يقارب 46%، ثم حزب عزم بنسبة 45%، ومن ثم حزب الوحدويون الديمقراطي الأردني بنسبة 44%.

 

أما أقل الأحزاب لمشاركة الشباب فكان حزب جبهة العمل الإسلامي بنسبة 18%، والحزب الشيوعي الأردني بنسبة 24%، والحزب الوطني الإسلامي بنسبة 26%.

 

 

هل الأرقام المطروحة على موقع الهيئة المستقلة كعدد لأعضاء الأحزاب هي دقيقة؟

يرى أمين سجل الأحزاب في الهيئة المستقلة للانتخاب أحمد أبو زيد أن موضوع المنتسبين للأحزاب السياسية هو خيار للحزب، لكن القانون ألزم الأحزاب السياسية بتسليم سجل الأحزاب لغايات الترخيص؛ أسماء ألف عضو كحد أدنى متحققة فيهم الشروط وفق قانون الأحزاب السياسية.

ورغم ذلك يقول "لكن هنالك شرط أصبح في قانون الانتخابات لعام 2022[2] ، بأن القائمة الحزبية التي سوف يترشح لها العضو الحزبي داخل الحزب، أحد شروطه أن يكون قد مضى على انتسابه مدة لا تقل عن 6 أشهر قبل موعد الاقتراع عن انتسابه". 

 

وهو ما يعني أن الأحزاب ملزمة بتزويد أسماء المنتسبين لديها إلى سجل الأحزاب إذا كانت لديهم نية أن يكونوا في قوائم المترشحين للانتخابات ضمن القوائم الحزبية؛ حيث تبدأ مدة احتساب الانتساب منذ ورود أسماء الأعضاء لسجل الأحزاب في الهيئة المستقلة الانتخابية.

 

يعلق أبو زيد على نسب مشاركة الشباب بأنه لا يشترط بأن ينتسب المواطن للحزب، "أنا مواطن عندي حياتي الخاصه واهتمامتي وأولوياتي، لكن عندي توجه سياسي ولون سياسي شكلته من معرفتي بهذا الأحزاب فممكن أحدد خياري يوم الانتخابات، ففكرة عدد المنتسبين للأحزاب ليست هي المعيار، المعيار هل وصل الشعب الاردني أو الناخب الأردني لقدرته على تحديد خياره السياسي من جميع الألوان السياسية المطروحة أمامه من هذه الأحزاب؟ ."

 

ويضيف أبو زيد بأن الحزب لا ينجح بعدد منتسبيه، وإنما ينجح بعدد المؤمنين بفكرته ومشروعه وليس شرطاً أن يكونوا منتسبين، والمنتسب قد يكون هو النخبة الذي يدفع من وقته وماله لنشر فكرة الحزب.

 

النمري بدوره يرى أن التغيير وتحفيز مشاركة الشباب في الأحزاب يحتاج إلى عملية مستمرة ومتكاملة وهي قضية صراعية ونضالية، ويقول "من حيث نسبة مشاركة الشباب في الأحزاب فهي جيدة والقوانين أدت الغرض، لكن مشاركة المواطنين في الأحزاب هي مشكلة عامة تخص كل المجتمع وتعكس حجم ونفوذ الأحزاب وهذه قضية طويلة الأمد".

 

لكن الحروب تعلق على رؤية الشباب للأحزاب، بأن الشباب معنيين عند انضمامهم للحزب أن يروا في هذا الحزب قوة وقدرة على تغيير حياتهم، ومن جهة أخرى ترى الحروب أن الشباب أيضاً لم يروا أي تجربة حزبية يتطلعون لها ويجدون فيها فرصة، وبالتالي مهم للمجلس القادم أن تتاح الفرصة للأحزاب لتشكيل حكومة حزبية وأن تمارس الديمقراطية واقعا وتطبيقا وليس مجرد شعارات على حد قولها.

 

محمد أبو رمان يعمل في مجال البرمجة، انضم إلى حزب جبهة العمل الإسلامي في عام 2019، وهو الآن نائب رئيس القطاع الشبابي في الحزب.

 

انضم أبو رمان للحزب لموائمة توجهه السياسي لحزب جبهة العمل الإسلامي يقول "هو قريب إلى فكري الإسلامي وإلي... يعني بعض الأمور اللي ممكن أنا أتفق معهم بشكل أكبر من أي حزب آخر".

ويعلق أبو رمان حول دقة عدد أعضاء الحزب لدى سجل الأحزاب "إحنا فقط أرسلنا أسماء من شاركوا في المؤتمر التأسيس، والرقم الحقيقي أكبر من ذلك".

 

معيقات مشاركة الشباب بالأحزاب

تتعدد المعيقات التي تواجه مشاركة الشباب في الأحزاب من وجهة نظر الشباب ذاتهم ومن وجهة نظر الأحزاب أيضا، يرى أبو رمان أن معيقات انضمام الشباب للأحزاب السياسية تتبلور في خوفهم من التضييقات الأمنية أو لعدم معرفتهم بالأحزاب وأدوارها.

 

ويتحدث أبو رمان عن التضييقات التي تعرض لها خلال بدء اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية عملها "أنا من الناس اللي شاركت في مخرجات اللجنة الملكية مع معهد السياسة والمجتمع وبعد ثلاثة أيام انسجنت على وقفة على دوار الداخلية لمدة خمسة أيام... فنفس الشباب اللي كنت أنا بدعوهم للانضمام كانوا بيحكوا أنت بتدعونا لننخرط في العمل الحزبي والسياسي وانت نفسك رحت انسجنت ".

 

أما حول وجود تفاوت في التعاطي مع الأحزاب السياسية فيعلق أبو رمان بقوله "ما زالت الدولة تتعامل معنا بمعاملة مختلفة عن الأحزاب الجديدة الناشئة، لذلك الشباب ما عندهم مشكلة إنهم ينخرطوا في أي حزب جديد لأنه ما راح يكون في عليهم إشكاليات، بينما الشباب اللي موجودين عندنا داخل الحزب إما بنمنع من العمل أو بينمنع أحد أقاربه".

 

ويروي أبو رمان تجربة خاصة به عن التضييق الذي تعرض له أحد أفراد عائلته نتيجة انتمائه الحزبي "أنا انمنعت بنت خالي من وظيفتها وكان السبب بوضوح لأنه ابن عمتك محمد أبو رمان.. وبنت عمتي برضو منعوها من السفر لأمريكا كذلك بنفس السفر، ففيه ضغوطات أمنية بتحصل".

 

نور الخطيب (23 عاما) انتسبت لحزب الوحدة الشعبية الديمقراطية الأردنية والذي وجدت به على حد قولها طريقا للسعي إلى تحقيق العدالة الاجتماعية والديمقراطية.

 

تتحدث نور عن أن انتماءها للحزب في أثناء دراستها الجامعية عرضها للكثير من المضايقات "يعني نعم أكيد كان فيه استدعاءات وكان فيه تحويل لأصدقائي للجان تحقيق وغيرهم".

 

أما حول المعيقات التي تحد من مشاركة الشباب الحزبية فتقول نور "يعني إحنا اليوم بنحكي بعملية إصلاح سياسي وتحديث منظومة سياسية، يعني ما زلنا نشاهد عملية حد من الحريات والتعبير والعمل ... ومن أكبر النماذج باللي بيحكي فيه هو اللي بيصير بالجامعات من تضييق وعقوبات ولجان تحقيق يعني حتى وصلت لمرحلة من الفصل والطرد كما رأينا من فترة في أحدى الجامعات وكمان أيضاً هناك نموذج آخر بسبب اعتقالات بالوقفات".

 

تتساءل نور اليوم بكل صراحة على حد قولها؛ إن كان هناك إرادة حقيقية بإصلاح سياسي بتدجين الشباب وبرمجتهم، أي ضمن أسس معينة ومحصورة ضمن قالب معين أو أن هنالك ارادة بوجود شباب واعي قادر على فهم الواقع والعمل على تطويره ضمن إطار وطني ديمقراطي وليس بقوالب؟.

 

ويرى الرنتاوي أن المخاوف الأمنية ما زالت حاضرة في ذهن الشباب، خاصة عند سماعهم عن اعتقالات لبعض الشباب من أحزاب المعارضة إضافة إلى قانون الجرائم الإلكترونية، وبعض التعقيدات التي ترافق العمل في الجامعات رغم وجود نظام تنظيم العمل في الجامعات لكنه محفوف بكثير من التعقيدات، إضافة إلى بعض المعايير المزدوجة في التعامل مع الأحزاب من قبل مؤسسات الدولة .

 

لكن ذلك لا يعفي الأحزاب السياسية من دورها أيضا في الوصول للشباب في مناطقهم وعدم التصرف بشكل نخبوي، أي وفق الرنتاوي على الأحزاب أن تتوجه نحو مناطق الشباب وكل المناطق النائية.

 

"لا يوجد ثقة بالأحزاب، تسمع كلام عن محاولات تجنيدهم للأحزاب السياسية بطرق بدائية ولا تليق في حزب سياسي، وهناك عدم ثقة ببعض الرموز والقيادات الحزبية حتى الآن الأحزاب السياسية لا تقدم بضاعتها بشكل جيد". يقول الرنتاوي

 

أما ما يقع على عاتق الحكومة فيقول الرنتاوي "هون بدي أحكي عن شغلة، يعني الدولة لازم تعطي مؤشرات يعني طمأنينة، وثبات وإنه هذا المسار لا رجعت فيه. وإنه هذا المسار محمي قانونيا ودستوريا، وإنه فيش تناقض بين منظومة الحماية القانونية وبين الإجراءات على الأرض يعني هذه عملية لازم تستمر من قبل الدولة بمختلف مؤسساتها. " 

 

النمري بدوره يعدد معيقات مشاركة الشباب بعدد من النقاط منها؛ واقع الشباب الضاغط عليهم من البطالة والفقر وفقدان الفرص والتي تجعل اهتمامات الشباب بعيدة عن المشاركة السياسية المباشرة، بالإضافة إلى الحوافز التي لم تظهر بعد أمام الشباب للمشاركة في الأحزاب السياسية، والثقافة العامة والسياسية المتدنية.

 

ويشير النمري بأن التوجه والارادة السياسية بدمج الشباب والتعبير عن ذلك بتشريع، يجب أن يرافقه سياسة تجاه الشباب وايجابية "لكن نحن نعرف أن الاعتبارات التي تحكم كل جهة في آداء مهامها، وهذا التناقض موجود في عدة مجالات، في مجال حرية التعبير مثل قانون الجرائم الالكتروني، ففي تناقضات في الأداء بما يخص موضوع الشباب ومواضيع أخرى، لكن هذه لا تلغي صوابية التشريع بإعطاء نسبة للشباب في القانون، فهذا بدنا ندافع عنه ونستثمر فيه".

 

أما حول المخاوف من التضييق الأمني على مشاركة الشباب في الأحزاب فيستذكر النمري النقاشات التي تثار في اللقاءات "في عملنا وفي لقاءاتنا دائما تثار المخاوف الأمنية وتثار بطريقة كأنها صدى وانطباعات عن الماضي أنه إذا دخلا الأحزاب بنتعرض لملاحقة وما بنلاقيش وظائف، وبطلع انه ما في وقائع بتأيد ذلك إلا في حالات استثنائية، لكن بتعمم الانطباع وبصير ذريعة وتبرير لعدم المشاركة".

 

الحروب بدورها ترى بأنه ما زالت تبعات العهد القديم في الفترة التي كانت الأحزاب تحارب ولم يكن مرحب بها ما زالت قائمة، مثل المنح الجامعية؛ حيث ما زال الشاب مضطر أن يوقع أنه غير منتسب لأي حزب سياسي، والطلبة يخشون الانتماء للأحزاب .

 

"موضوع المناهج الدراسية احنا خلال السنوات الخمسين الماضية تم تجريف المناهج الدراسية سواء على مستوى المدارس أو الجامعات من أي بعد سياسي، وبالتالي يخرج الطلبة بعيدا عن العمل السياسي خاصة في ظل تخويف اهلهم ايضا فهنالك حالة فراغ كبيرة، ليس هناك تهيئة حقيقية للشباب من أجل الانخراط في العمل السياسي والاهتمام بالشأن العام" تقول الحروب.

 

وتوضح الحروب بأن المطالبات كانت مستمرة بإدخال مناهج التربية المدنية أو التربية الوطنية، وهذا المنهاج يجب أن يراعي مجموعة من المعارف والمهارات وتنميتها لدى الطلبة على سبيل المثال، حقوق الإنسان الديمقراطية ونظم الحكم في العالم والاحزاب كل ما يشكل اللبنة الأساسية في التكوين لأي شخص يرغب في الانتماء للأحزاب السياسية.

 

وحول المخاوف من التضييق الأمني فترى الحروب "لا عمل سياسي أو حزبي الا بحريات مطلقة، يجب اطلاق باب الحريات من أجل التعبير عن الرأي لا يمكن أن يصبح الشاب حزبيا، عندما يعبر عن رأيه ويذهب للسجن أو تم توقيفه، لذلك علينا اطلاق باب الحريات لتشجيع الشباب للانتماء للأحزاب".

 

تجربة جديدة مع إقرار قانوني الأحزاب والانتخابات، حيث ترى الحروب أن العمل الحزبي كان ممنوعاً أو شكلياً.

 

"اليوم هذا التحول يتطلب فترة زمنية حتى الناس تستوعب ذلك، لأنه الناس فاقدة الثقة ولا تؤمن بأن الحكومة تريد أحزاب فعليا، ففي مراهنات كثيرة على فشل التجربة الحزبية، وبالتالي ليس متوقعا أن الناس ستقبل للانتماء للأحزاب، وبالتالي الي رح ينتمي هو من لديه طموح سياسي، يعني بده يترشح لبرلمان، لبلدية لوزارة يعني بده موقع ما ويشعر أنه الوصول إلى هذا الطموح من خلال مؤسسة حزبية، أما الناس العاديين لن يدخلوا للأحزاب إلا إذا رأوا أنها تؤثر في حياتهم فعلا" تقول الحروب.

 

هذا وتنص المادة 20 من قانون الأحزاب السياسية البند (أ) منها، على أنه يحق لطلبة مؤسسات التعليم العالي الأعضاء في الحزب ممارسة الأنشطة الحزبية داخل حرم تلك المؤسسات من دون أي تضييق أو مساس بحقوقهم، على أن يصدر نظام خاص ينظم هذه الأنشطة. 

 

معيقات مضاعفة للمرأة الحزبية

وحول مشاركة المرأة الشابه في الأحزاب، ترى حروب أن المشكلة مضاعفة عند المرأة ومشاركتها في الحياة الحزبية، لأن المرأة تقليديا كانت تجلس في البيت ولم تكن تُقبِل على العمل السياسي ولا تتابع الأخبار وهي مهتمة أكثر في العمل التطوعي الرعائي والاجتماعي وتحظى بجهد المرأة.

 

"العمل السياسي عندما تقرر المرأة دخوله ستجد أمامها الكثير من أفراد أسرتها يثبطونها ويخوفونها." تقول الحروب.

ويأتي ذلك رغم أن نسبة مشاركة المرأة في الأحزاب مرتفعة مقارنة بنسب مشاركة الشباب، توضح الحروب أن المرأة بدأت تكسر حاجز الخوف، لكن هذه المرأة هي من لديها الطموح والنخبوية والتي تغامر وتكسر حاجز الخوف".

 

نور الخطيب توضح التحديات التي تتعرض لها النساء لانتماءهن لأحزاب سياسية بقولها "نعم صحيح هناك تحديات إضافية تعاني النساء منها بالمشاركة بالعملية الديمقراطية والأحزاب السياسية. نظرا لخصوصية النساء في المنطقة، يعني المرأة اليوم في مجتمع جندري بالأساس، تأخذ بالحسبان أصغر الأمور اللي بتعيق عملها الحزبي من أصغر الأمور من خروجها وظهورها. وبذلك هذا الشيء يحد من مشاركتها وفرصة أخذ التجربة وتطويرها".

وتشير الخطيب أيضا أن الأحزاب تخلو من برامج تدعيم حقيقية للمرأة في نضالها السياسي.

 

مشاركة مرتفعة في الأحزاب جديدة النشأة مقارنة بالقديمة

أما حول تدني عضوية المشاركة في الأحزاب التاريخية، فيعللها النمري بقوله "لأنه الأحزاب القديمة والعقائدية، هرمت والأعضاء هم الأعضاء القدامى منذ الستينات والسبعينات، وبالتالي تعاني من حالة هرم وليس هناك جاذبية في عيون الشباب تجاه هذه الأحزاب".

 

فيما ترى الحروب أن هنالك أحزاب تم تشجيع الناس على الدخول إليها، وسهلت أعمالها، ووجدت الطريق سهلاً وميسراً، لكن أحزاب المعارضة تواجه العديد من المصاعب والمشكلات حتى على صعيد عقد ندوة استقطابية لشرح مبادئ الحزب تواجه الكثير من المعيقات.

 

أما الرنتاوي فيفسر هذا التباين بأن نسب الشباب أو الأعضاء المنتسبين للأحزاب تتباين وفق اتجاهاتها، فالعضوية في بعض الأحزاب خاصة الجديدة ليست عضوية مرنة، بينما لدى أحزاب اليسار والعقائدية هي عضوية انتقائية أكثر وتخضع إلى مراجعات وتدريب وتأهيل ومعايير أشد صرامة من المعايير الموجودة لدى أحزاب أخرى.

 

مع قرب الانتخابات النيابية، تتحضر الأحزاب السياسية لإعلان ترشيح أعضائها استنادا لقانون الانتخابات الجديد.

 

هذا وينص نظام المساهمة المالية في دعم الاحزاب السياسية لعام 2023[3]  المادة الرابعة في أحد بنودها بأنه يستحق الحزب مساهمة مالية مقدارها 10 آلاف دينار عن كل مقعد يفوز به الحزب في الانتخابات النيابية، وتضاف 20% من هذا المبلغ عن كل فائز من فئات المرأة، الشباب ممن تراوح أعمارهم بين 25 و35 سنة، والأشخاص ذوي الإعاقة.

أضف تعليقك