كرة الثلج تتدحرج.الإضراب يتوسع..والمطلب "خفض أسعار المحروقات"

تتسارع وتيرة الإضرابات والاحتجاجات التي ينفذها قطاع النقل والشحن في الأردن رغم المحاولات الحكومية لإمتصاص الإضراب برفع أجور الشحن ودعم قطاع النقل العام ماليا، إلا أن المحتجين يرفعون مطالبا واحدا "خفض أسعار المحروقات".

 و بدأ الإضراب من مدينة معان (217 كم جنوب العاصمة عمان) في 5 كانون الأول/ ديسمبر الجاري احتجاجا على رفع السلطات الأردنية لأسعار المحروقات بشكل متكرر وخصوصا مادتي السولار والكاز، مما تسبب بخسائر لقطاع النقل والشحن ومس جيوب الفقراء، وشهدت مناطق متفرقة في المملكة اغلاقات للطرق بالاطارات المشتعلة.

 

وأخذت وتيرة الاحتجاجات بالتوسع لتعلن محال تجارية في مدينة معان إغلاق أبوابها، وقال ناشطون في مدينة معان لـ"عربي21" أن "إغلاق المحلات التجارية جاء ردا على قيام السلطات الأردنية إطلاق الغاز المسيل للدموع على محتجين سلميين يطالبون بتخفيض أسعار المحروقات".

 

إجراءات حكومية تفشل في وقف الإضراب

 

وفي محاولة  لامتصاص الأزمة أوصى مجلس النواب الحكومة، بإعادة النظر بالضريبة الثابتة التي تفرضها على المشتقات النفطية في مشروع قانون الموازنة المقبل، وفق نائب رئيس مجلس النواب أحمد الخلايلة الثلاثاء.

 

في وقت  دعا فيه مجلس الأعيان في بيان صحفي على "ضرورة تغليب لغة الحكمة والابتعاد عن اثارة الفوضى ، وجلوس كافة الأطراف ذات العلاقة معا لبحث مطالب".

 

وزاد المجلس في بيانه "ابنائنا المضربين، بهدف الوصول الى تفاهمات مشتركة تلبي مطالبهم وفق الامكانيات المتاحة ، فمن شأن ذلك تفويت الفرصة على كل من يحاول العبث  بجبهتنا الداخلية  واستقرار بلدنا ، مشيدا المجلس بحرص غالبية المضربين على الالتزام بالنظام العام والقانون".

 

بدوره قال وزير النقل الأردني ماهر ابو السمن  خلال اجتماع مع نواب أردنيين الثلاثاء  أن "الحكومة حققت مطالب لأصحاب الشاحنات منها رفع سعر النقل على شركات الفوسفات والبوتاس وطرح عطاء لتأهيل الطرق المؤدية لمناجم الرشيدية".

 

كما أعلنت هيئة تنظيم قطاع النقل البري يوم الأثنين الماضي عما أسمته توصلها لاتفاق مع النقابة العامة لأصحاب الباصات الأردنية والنقابة العامة لأصحاب السيارات العمومية والتكسي على استمرار وزيادة تقديم الدعم النقدي لجميع أنماط نقل الركاب في المملكة ضمن اختصاص الهيئة.

إلا أن الإجراءات الحكومية فشلت في سحب فتيل الإضراب، إذ يصر المضربين على "تخفيض أسعار المحروقات، وليس رفع أجور الشحن".

 

ويصف رئيس بلدية معان الكبرى السابق ماجد الشراري إضرابات سائقي الشاحنات بـ"الشرعي والسلمي"، قائلا لـ"عربي21"، "مطالبنا هي مطالب كل مواطن أردني تخفيض أسعار المحروقات، والعيش بحياة كريمة، المعاناة واحدة يجب رفع الظلم والحلول متوفرة لكن العقول غُيبت".

و يستذكر أردنيون الاحتجاجات التي تسببت في استقالة حكومة هاني الملقي في 2018، والتي جاءت بعد إقرار الحكومة قانون ضريبة دخل مثير للجدل تسبب في غضب شعبي كما يستذكرون ما عرف بـ"هبة تشرين"، وهي مظاهرات نظمها أردنيون ضد رفع أسعار المحروقات في الرابع عشر من تشرين الأول/ أكتوبر عام 2012.



 

الكاتب والمحلل السياسي، بسام بدارين، يرى أن بسبب سياسة إدارة ملف المحروقات والطاقة كان من المتوقع أن تنزلق الأردن لهذا النوع من الاحتجاجات، يقول لـ"عربي21"، "هنالك عدم وضوح في آليات التسعير للمحروقات وكيفية التعامل مع ملف حساس مثل المحروقات".

 

يضيف "أتوقع أن يكون هناك عدوى في الاحتجاجات بحيث يشمل قطاعات مختلفة، وهذا نتيجة غموض الحكومة في هذا الملف وتعثرها في تقديم رواية حقيقية لأسعار الوقود، هذه الإضرابات ستزيد وأخشى أن تكون مؤشر لعودة حراك شعبي وعودة الاعتصامات والوقفات الاحتجاجية، وهنا نذكر الحكومة ما زلنا في مرحلة التعافي الاقتصادي بسبب جائحة كورونا".

 

يتابع "على الحكومة أن تحتوي هذه الأزمة التي يمكن أن تتحول لأزمة تحريك، وستحدث المزيد من حالة التأزيم، المواطن لا يوجد أمامه خيارات سوى رفع صوته كون رفع كلفة المحروقات تعني رفع كلفة المعيشة، بينما لدى الحكومة بدائل مثل تخفيض الضرائب على المحروقات وفتح باب الاستيراد الحر للمشتقات النفطية، لا يجوز للحكومة تحرير أسعار المحروقات في وقت يوجد في جهات تحتكر استيراد هذه السلعة، نحن ازاء ازمة واخشى أن تكون انذار مبكر تجاه الانزلاق تجاه السيناريو اللبناني لا سمح الله".

 

خسائر يومية..وتداعيات

وكبد إضراب شاحنات النقل ميناء العقبة خسائر كبيرة، ووصف رئيس غرفتي صناعة الأردن وعمان فتحي الجغبير، في بيان صحفي الثلاثاء تداعيات الإضراب بـ"الكارثية" على القطاع الصناعي.

 

قائلا "جميع القطاعات الصناعية متأثرة بشكل كبير؛ سواء تلك القطاعات التي تعتمد على التصدير من ميناء العقبة أو الاستيراد منه حجم صادرات المملكة من خلال موانئ العقبة يبلغ 22 مليون دينار يوميا؛ أي ما يقارب 600 مليون دينار شهريا، أما المستوردات، فتبلغ قيمتها 50 مليون دينار يوميا؛ أي ما يقارب من 1.3 مليار دينار شهريا".

 

 كما أعلنت جمعية حماية المستهلك الأردنية في بيان لها أن  "ضعف القدرات الشرائية لدى المواطنين بسبب ارتفاع أسعار المحروقات والضريبة المفروضة على أغلب السلع وبعض حالات الاحتكار قد أثر سلبا على الحركة الشرائية في الأسواق أدى الى حالات ركود غير مسبوقة في الأسواق".

 

ودعت الحكومة إلى "زيادة شريحة السلع المعفاة من الضريبة وتخفيض الرسوم الجمركية المفروضة على أغلب السلع وتخفيض أسعار المحروقات لحين تعافي الأسواق من حالة الركود التي يعاني منها"

 

ويرى عضو في الحملة الوطنية "صوت العمال"، مجد خلدون في حديث لـ"عربي21"، أن "الحكومة وسياستها الاقتصادية هي من تتحمل تداعيات الإضراب بسبب عدم قدرتها على إيجاد حلول اقتصادية عدم وجود حماية اجتماعية".

قائلا "الإضراب سيؤثر على القطاعات الأخرى والحكومة التي تتحمل المسؤولية، المضربون خرجوا لأنهم لا يقبلون ارتفاع أسعار المشتقات النفطية، وارتفاع أسعار باقي السلع ناهيك عن الفقر المدقع التي وصلت الى 27% الى جانب ارتفاع البطالة".

 

يضيف "الحل بيد الحكومة من خلال تخفيض أسعار المشتقات النفطية التي تعتبر الأعلى في العالم العربي بسبب رفع أسعارها بشكل هستيري، نستذكر هبة تشرين التي بدأت بإضراب النقل فالبتالي يمكن أن تنتشر بشكل كبير رغم التضليل الإعلامي ومحاولة التفاف عليها والقول أن الاضراب انتهى، يمكن أن تزداد وتيرة الاضراب اذا م يقرأ صانع القرار الحالة وبقي غير مبالٍ".

 

أضف تعليقك