"كاندي كراش"

"كاندي كراش"

تشير بعض التقارير الصحفية إلى أن عدد من قاموا بتحميل لعبة "كاندي كراش" قد تجاوز نصف مليار شخص وأن الأرباح اليومية للشركة المصممة تقدر بمئات ألوف الدولارات. هذه الأرقام جعلتني للحظة أفكر جديّاً في مخاطبة الشركة المصممة للعبة لجعلها متاحةًلاستخدام الأشخاص ذوي الإعاقة البصرية، قبل أن أقوم بهذه الخطوة آثرت التعرف على "فلسفة" وقواعد تلك اللعبة لأكتشف أنني لست غريباً عنها مثلي مثل العشرات الذين يلعبونها ومئات الملاين الذين تُلعَب عليهم.   تقوم فلسفة اللعبة وفقاً لبعض الدراسات السيسيو اجتماعية على استغلال الحاجة الغريزية عند الإنسان لمستوى معين من السعادة والإحساس بتحقيق إنجاز معين ولو كان مؤقتاً وعلى بساطة اللعبة بحيث يمكن للجميع -بغض النظر عن مستوياتهم العلمية والثقافية- ممارستها والاستمتاع بها. أما قواعد اللعبة فترتكز على "المطابقة" و "الزمن" و "البعثرة" في حالة الخسارة.     المتأمل ل"قواعد" اللعبة السياسية في دولنا العربية؛ يجد أنها لا تعدو أن تكون "كاندي كراش" طورتها أنظمة استعمارية وورّثتها لأنظمة يشكل الاستبداد والقمع دعامة وجودها وأسباب استمرارها.     إن متلازمة "الأمن والأمان" مع "الاستبداد وانتهاك الحقوق والحريات" تمثل التطابق الذي تسعى قيادات "دولاتنا" العربية إلى تحقيقه،ليكون المكسب المؤقت هو "الاستقرار" ومنع "الفوضى"، بينما نتيجة اللعبة النهائية هي: متابعة الأنظمة ممارسة اللعبة التي تشكل ضمانة وجودها واستمرارها.     الديمقراطية وحرية الرأي والتعبير في "كاندي كراش" معظم الساسة قطع حلوى مرة المذاق يجب أن تتبعثر ب"قنبلة" فزاعة الفوضى وعدم الاستقرار، بينما يحقق الاستبداد والطغيان في لعبتهم مكسب "الأمن والأمان" للجميع! استنسخ قادة الأنظمة التي انهارت تحت وطأة هتافات "الربيع العربي" من بعضهم البعض عبارة: "إما نحن ومن معنا وإما الفوضى"، وقد كان ما قالوا نظراً لأن الجماهير التي تقرر لأول مرة في حياتها أن تلعب لم تدرك أنها في حقيقة الأمر لم تكن يوماً جزءً من اللعبة بل مجرد ضحايا لها أو في أحسن الأحوال مجموعة من المشاهدين الذين لا يملكون سوى متابعتها دون أن يكون لهم دور في تطويرها أو ممارستها.     من جهة أخرى، فإن انشغال الحرس القديم من لاعبي "كاندي كراش العرب" بالمحافظة على ما حققوه من مكاسب في مراحل اللعبة الأولى، جعلهم يتخلفون عن متابعة التحديثات “Updates” التي طرأت عليها، فقاموا بمواجهة رغبة الجماهير الجامحة في مزاولة اللعبة في مراحلها المتقدمة بالأساليب ذاتها الخاصة بمراحلها البدائية أو إن شئت الابتدائية.     في المقابل، ظنّت جموع اللاعبين الجدد من "ثوار" "الربيع العربي" أنه بوسعهم مزاولة اللعبة من آخرها دون سابق خبرة لأسسها وقواعدها التقليدية أو دون القيام بتغييرها جذريّاً لتتوافق مع تطلعاتهم وطموحهم المشروع في مستقبل أقل استبداداً وطغيانا، فكانت النتيجة خسارتهم وإحلال اللاعبين القدامى بآخرين جدد مع بقاء اللعبة كما هي.     أسعف الحظ الدول العربية التي لم يطالها دوي "صيحات" "الربيع العربي" باستثمار نتائج ذلك "الربيع" المخيبة للآمال، فقامت بتطوير نسخة جديدة من "كاندي كراش" تعتمد أسلوب "وهم التغيير" الذي يعطي الجماهير مذاق محاولة المشاركة في صناعة القرار ولكن وفقاً للقواعد والشروط التقليدية للعبة، فإما التطابق مع ما يريده مطورو اللعبة وإما البعثرة والتمزق ومن ثمة "الفوضى وعدم الاستقرار".     إذا كان امتناع الشركة المصممة للعبة "كاندي كراش" عن إشراك مستخدمي لعبتها في تطويرها وتحديثها أمراً منطقياً تقتضيه غايات الاحتكار والاحتفاظ بالأسرار لتحقيق الأرباح والمكاسب، فإن ذات العلة هي التي تجعل عملية الإصلاح بكل ما تتضمنه من قوانين وسياسات ماسة بحيات الناس ومستقبلهم حِكراً على من يقومون بتصميمها و"تطويرها"، فهؤلاء أيضاً يسعون للاحتفاظ بأسرار اللعبة لتحقيق المكاسب الموروثة بل المتأصلة التي لا تقبل التجزئة أو التنازل عن بعضها.     يبدو أن حظنا من لعبة "كاندي كراش العرب" هو شقها الثاني “Crush” (التحطيم أو البعثرة" ليبقى للاعبيها الأصليين ال “Candy” (الحلوى"، ف"صحتين وعافية ومطرح ما يسري يمري".

أضف تعليقك