ثقافة العيب تحد من مشاركة المرأة الأردنية في سوق العمل 

 

 

ظاهرة تحول دون النهوض والتقدم والرقي في كثير من مجتمعاتنا العربية ومن ضمنها الاردن،اذ يرفض كثير من الشباب الذكور والإناث على حد سواء الانخراط في أعمال يعتبرون أنها غير مقبولة اجتماعياً وغير لائقة لهم، تدعى «العيب»



 

يشكل هذا الأمر عبئا اجتماعيا بشكل أكبر على النساء في الأردن، مما أدى إلى تفاقم معدلات البطالة وانخفاض  فرص حصولهم على كسب وعيش كريم 

 

تقول ديالا الأسعد،"رغم حاجتي للعمل الا انني لا اقبل العمل بأي مكان، وتحديداً في منطقتي لأن ذلك يشكل سمعة سيئة على الفتاة بحسب مكان عملها"، وتكمل ديالا حديثها لعمان نت، أن هناك العديد من المجالات التي رغبت بالاهتمام بها ولكن ذلك لن يجدي نفعاً إذ لم يتقبلها المجتمع، لذلك تذهب لتخصصات المعتادين عليها وبناء عليه درست تخصص المحاسبة.



 

فرص عمل نمطية 

 

"المرأة في المجتمع محدودة في التخصصات التي تدرسها وبتالي مجالات عملها محدودة، لأن العادات والتقاليد تحكمنا" هذا ما قاله احمد فيصل حول ثقافة العيب في عمل النساء. 

 

وأضاف احمد ان معاناة المرأة مع هذه الثقافة جعلت منها امرأة نمطية لا تسمح لها إلا أن تكون معلمة أو ممرضة او غيره من التخصصات التي تضمن لها عمل مريح وساعات محددة، لذلك "لو المجالات الثانية توفر بيئة مريحة للمرأة كان توجهت لها" يقول احمد.

 

في السياق ذاته قال الخبير الاجتماعي حسين الخزاعي ، عدم توفر بنية تحتية تنموية في مختلف المحافظات منع السيدات من التوجه للعمل في تخصصات معينة خارج محافظتها

 

وقال الخزاعي "اليوم نرى نساء تجاوزت هذه الثقافة هناك 40 سيدة تعمل لدى طلبات" ولكن ما يجعل ثقافة العيب مستمرة في بعض المجتمعات وخصوصاً الأرياف هو عدم توفر هذه الفرص أو المهن هناك، ولو توفرت لوجدت المرأة فرصتها 

 

واكد الخزاعي على ضرورة العمل من قبل الحكومة والمؤسسات المدنية والشركات على توفير الخدمات والبنى التحتية للمرأة لدخولها مجالات عمل  جديدة والمنافسة عليها، لتساهم في التنمية الاقتصادية وإثبات نفسها في المجتمع وأهميتها وقدرتها.

 

وأشار الخزاعي إلى الآثار السلبية التي يمكن أن تنتج عن إقصاء المرأة في المشاركة الاقتصادية نتيجة ثقافة العيب وغيره، ويقول "تصبح العزلة عن الآخرين والمجتمع من أكبر الآثار السلبية وبالتالي تأثيرها على تقدير الذات" ويكمل أن نظرة الحرمان والقلق وعدم توظيف القدرات الموحدة لديهم يشعرهم بحالة من الغضب.



 

من تحدي اجتماعي الى قبول 

 

لا شك أن المرأة بحاجة الى فرصة حقيقية من المجتمع،  ليتقبلها بشكل أكبر ويصبح الرابط بينهم "الثقة في قدرتها على النجاح"، هذا ما  فقدته هوازن عندما بدأت بتأسيس مشروعها الخاص.

 

تروي هوازن قصتها لعمان نت، كنت في عمر ٢٣، وأخبرت عائلتي بقراري في تنفيذ فكرة مشروع بعيدة تماماً عن مجال عملي، لم يأخذني أحد على محمل الجد، وما ان بدأت الجميع قال مستحيل!!

قررت فتح مركز تعليمي لطلبة المدارس الابتدائي، "بنت امبارح جاي تنافسنا، يومين ويسكر"، للحظة شعرت بأنني سوف انسحب، لم يرغب المجتمع الذي أعيش فيه بهذه المحاولة، وبدأت محاولاتي في التصدي لجميع الأفكار المجتمعية التي يمكن أن تؤثر سلباً على صورة المرأة مجتمعياً.

 

"اليوم مشروعي عمره ٧ سنوات، ينافس على مستوى المحافظة، وأصبح ابتدائي وثانوي واشهر المعلمين يعملون به". تقول هوازن بفخر.

 

 وتكمل حديثها ان ما جعلها أكثر إصرار كيف للمجتمع تحديد المكان الذي يجب أن تكون به والعمل الذي تعمله، لكن اليوم أصبحت مثال وقدوة لكل فتاة تشعر نفسها انها قادرة على تخطي الكثير من الصور النمطية وثقافة العيب في اختياراتنا العلمية والعملية وغيرها.

 

وتعد مشاركة المرأة الأردنية في سوق العمل من النسب الأقل عالمياً والتي لا تتوافق ولا تتواءم مع مستوى التحصيل العلمي أو المؤهلات الأكاديمية والحرفية التي تمتلكها المرأة الأردنية  وهو ما تم تقديمه من قبل منتدى الاستراتيجيات الأردني والذي  طرح ملخصا حول تكلفة تدني المشاركة الاقتصادية للمرأة في الأردن ومدى تأثيرها على الناتج المحلي، حيث  لا تتجاوز مشاركتها 2٥%  في الأردن، ويعني هذا الرقم أن هذا التدني ناجم بسبب نقص الفرص المتاحة للإناث مقارنة بالذكور  مع وجود نقص في نسب الضمان الاجتماعي للإناث المؤمن عليهن بما لا يزيد عن 29% بحسب  الناطق باسم مؤسسة الضمان الاجتماعي  موسى الصبيحي.



 

أرقام تعكس حقيقة ثقافة العيب 

 

الباحثة والخبيرة في النوع الاجتماعي علا بدر في مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية،  قالت في برنامج "طلة صبح " عبر أثير راديو البلد: إن الأرقام والاحصائيات لا تعكس الوعي في المجتمع تجاه ثقافة العيب لبعض المهن للمرأة، وتجاوزها لهذا المفهوم،" أكثر من 50% من العاملات الاردنيات في مجال  الصحة والتعليم" تقول بدر، و في عام 2019 وصل عدد النساء العاملات في أنشطة التأمين 600 سيدة مقابل 3000  رجل.

 

وأكدت بدر خلال حديثها، أن ثقافة العيب تمنع المرأة من الدخول في قطاعات معينة، وتدفع المرأة للذهاب لقطاعات تشعر أنها أكثر أماناً، رغم أنها أقل إنتاجية، حيث اثبت دراسة أجرتها الفنيق مع اوكسفام ان في مناطق الجنوب مثل معان والطفيلة والكرك ترفض النساء العمل في مهن الفنادق وبيع الألبسة بينما نجدها في محافظات أخرى أو مناطق أخرى مناسبة للنساء ويعود ذلك إلى الثقافة المجتمعية.

 

وأشارت أن نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل لعام 2022  وصلت إلى 13,9  فقط، وأوصت بدر إلى تطوير نظم الحماية الاجتماعية للنساء وتحديداً العمل الغير منظم، بالإضافة الى توفير بيئة عمل صديقة للمرأة مثل الحضانات لضمان عدم انسحابها من سوق العمل، وحمايتها من العنف والتحرش وغيرها من المعيقات التي يمكن تمنع أو يدفعها للانسحاب من سوق العمل.

 

اقرأ ايضا : المرأة الأردنية.. تحديات تنفيذ المشاريع الصغيرة والمتوسطة

 



 

أضف تعليقك