"الممول الأخرس" ومشاركة المرأة الاقتصادية

 

" عشر سنين ما استلمت راتبي، كان زوجي هو يتصرف بإدارته على البيت لأنه شغله يعتمد على المواسم" ومقابل هذه المعاناة لم تنكر مها رغبتها واهتمامها في تلبية احتياجات أسرتها، "ولن اتجرد من دور المشاركة في الحفاظ على استقرار البيت الاقتصادي والاجتماعي" تقول مها، ولكن من حقي ايضاً اتخاذ القرار بكيفية التصرف بجهدي وان اتلقى الاهتمام والتقدير لا أن يعتبر واجبي الأساسي تحمل المسؤولية بمفردي وابعادي عن اتخاذ قرارات تتعلق بالأسرة وبحياتي.

 

يدخل ما تعانيه مها بمفهوم يدعى "الممول الأخرس"، والذي يقصد به أن تكون المرأة شريكة في الإنفاق على الأسرة من خلال تولي مهام عديدة واحياناً تكون هي الممول الوحيد، ولكن في المقابل لا تملك القدرة على اتخاذ قرار يتعلق بالأسرة وتمتد الأمور الى عدم قدرتها على اتخاذ قرار بأمورها الشخصية.

 

وأظهرت نتائج مسح السكان والصحة الأسرية (2017-2018) والصادرة عن دائرة الإحصاءات العامة، بأن 14.6% فقط من السيدات المتزوجات يقررن لوحدهن كيفية التصرف بمردوداتهن المالية، في حين 7% منهن يقرر الأزواج لوحدهم التصرف بأموال الزوجات، و78.4% منهن يتم التصرف بأموالهن بشكل مشترك مع الأزواج.

 

 

400000 أسرة تديرها النساء

 

في حديث مع المديرة التنفيذية لجمعية تضامن إنعام العشا، عبر برنامج "طلة صبح" على اثير راديو البلد، قالت: هناك 400 ألف اسرة تديرها النساء وهي المسؤولة عن الإنفاق ولا يوجد لها أي قرار في البيت، وهذا يشمل المرأة الوارثة وليس العاملة فقط.

 

وأكدت العشا خلال حديثها، أن الحديث في هذا الموضوع لا يعني التحريض او التمرد، والدعوة إلى تخلي النساء عن أدوارهن في دعم الأسرة، لأن النساء جزء أساسي ومهم في المساندة والمشاركة، ولكن لا يجوز منعها من اتخاذ قرارت تتعلق بأسرتها وجعلها بلا قيمة والتعامل معها "كصراف".

وأشارت إلى أثر ذلك على مشاركة المرأة في سوق العمل واستمراره، "مع الزمن تشعر بالظلم وأنها تعمل بلا جودة وتقدير وتقرر الانسحاب من سوق العمل" تقول العشا، فالذمة المالية هي مستقلة لكل من الرجل والمرأة.

 

وذكرت العشا في معرض حديثها، أن بعض النساء التي تمتلك أموال عندما تصل لعمر معين "تهدد بالحجر عليها أن تصرفت في إيراداتها وأموالها"، وأوصت بتوعية المجتمع بمختلف الفئات حول أهمية استقلالية الذمة المالية، مع الحفاظ على دور المرأة التشاركي في الأسرة

 

ويعتبر الخبراء ان هذا السلوك هو إحدى أنواع العنف الاقتصادي الممارس ضد النساء، حيث يمارس العنف الاقتصادي ضد النساء من خلال سلوكيات متعددة أبرزها السيطرة والحرمان والإكراه والمنع، ومن أمثلتها: السيطرة على المصاريف العائلية المعيشية ومصاريف الرفاهية، وإنكار الممتلكات والموارد الشخصية للنساء أو العمل على تناقصها.

 

 

اثار اقتصادية

 

في حديث مع الخبير الاقتصادي مازن ارشيد في سياق عمل المرأة قال: عدم تقدير جهد المرأة في العمل ومنحها فرصة التصرف بأموالها يلغي حافزها تجاه العمل" الاستمرار في العمل مربوط في الحافز والهدف والذي يتمثل بالاستقلال المادي وهو الأهم"، وإذا حدث عكس ذلك فإنه ينعكس على رغبتها في الاستمرار في سوق العمل.

 

وأضاف ارشيد لعمان نت، غياب المرأة عن المشاركة الاقتصادية يؤثر على العملية التنموية الاقتصادية والمجالات الأخرى، فالأردن يعاني من مشكلة (المساواة في العمل)، وعادة ما يكون هناك تمييز لصالح الرجل رغم تساويهم في الخبرات والكفاءة، فنسبة توظيف الرجل أضعاف نسبة توظيف المرأة.

واكد على ان وجود المرأة في سوق العمل يساهم في نمو الناتج المحلي بمئات الملايين، وغيابها يؤثر على الناتج المحلي بشكل مستمر وليس تأثير عرضي، بالإضافة إلى تأثيره على ايراد الأسرة

 والتخفيف من مستوى الفقر ورفع المستوى الاقتصادي للأسرة، ويعتبر عملها بغاية الأهمية في حال توقف الرجل عن العمل في البيت.

 

وأشار الى ضرورة تشجيع المرأة على المشاركة الاقتصادية من خلال الحماية الاجتماعية التي يجب توفيرها تجاه أي عنف اقتصادي يمكن ان يواجهها، بالإضافة إلى قوانين تدعم توجهها لسوق العمل، فالتجارب الدولية أثبتت أهمية وجودها في سوق العمل، حيث عملت العديد من الدول على تحديد نسبة توظيف النساء في الشركات مقابل إجمالي الموظفين، بهدف رفع نسبة مشاركتها.

 

وتشير “تضامن” الى أن حرية تصرف الزوجات لوحدهن بأموالهن (مكتسبات مالية خاصة بهن وعلى وجه الخصوص الناتجة عن العمل) ترتفع وفقاً للمشاركة الاقتصادية للأزواج ومكتسباتهم، حيث تقرر 48.5% من الزوجات لوحدهن التصرف بأموالهن في حال كان أزواجهن ليس لديهم، مكتسبات أو لا يعملون، و20.9% منهن يقررن لوحدهن التصرف بأموالهن في حال كانت مكتسباتهن أكثر من مكتسبات الأزواج.

 

أضف تعليقك