المبادرة الأردنية تجاه سوريا.. ما الدوافع وحظوظ النجاح؟

تنشط المملكة الأردنية في إقناع دولٍ عربية بإعادة المياه إلى مجاريها مع نظام بشار الأسد من خلال مبادرة أردنية- عربية تهدف الى التوصل الى حل سلمي وإنهاء ملفات أمنية وإنسانية في المنطقة.

 

مصدر أردني أطلع "عربي21" على بعض جوهر المبادرة التي تأتي "انطلاقا من الأمر الواقع"، وحسب المصدر "تأتي المبادرة للاستجابة مع الواقع السوري الحالي، وعدم ترك الساحة لدول إقليمية حاضرة في الساحة السورية في ظل غياب عربي دام سنوات". إلا أن المبادرة لن تكون "مجانية أو بدون شروط"،

 

تقول المصادر "، إن "الأردن سيعرض المبادرة على دول عربية والتي ستضع بدورها شروطها لإعادة العلاقات الدبلوماسية من سوريا، فعلى سبيل المثال ما يقلق الأردن هو تهريب الأسلحة والمخدرات من الداخل السوري وضرورة بذل جهد سوري أكبر في مكافحة ذلك".

 

كارتالات المخدرات

وحسب ما نشرت الناطقة باسم الحكومة البريطانية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، روزي دياز على حسابها في تويتر "نمت تجارة مخدر الكبتاجون لنظام الأسد لمستوى الإنتاج الصناعي حيث تبلغ عائداتها بالنسبة للنظام ما يصل إلى 57 مليار دولار أمريكي سنويًا ، أي ما يقرب من 3 أضعاف تجارة مخدرات جميع الكارتالات المكسيكية معا، كما أنها تمثل 80% من إمدادات العالم من هذا المخدر".

 

١/٥لقد نمت تجارة مخدر الكبتاغون لنظام الأسد لمستوى الإنتاج الصناعي حيث تبلغ عائداتها بالنسبة للنظام ما يصل إلى 57 مليار دولار أمريكي سنويًا ، أي ما يقرب من 3 أضعاف تجارة مخدرات جميع الكارتالات المكسيكية معا، كما أنها تمثل 80% من إمدادات العالم من هذا المخدر. #سوريا #نظام_الأسد pic.twitter.com/Ag2Gd3iI2d

— Rosie Dyasروزي دياز 🇬🇧 (@RosieDyasUK) March 28, 2023

 

طموح اقتصادي

كما تسعى المملكة إلى إدماج سوريا في مشاريع اقتصادية كبيرة أبرزها ربط سوريا ولبنان بشبكة الكهرباء الأردنية على غرار الربط المرتقب مع العراق، في محاولة للتغلب على الأزمة الاقتصادية التي تضرب البلاد منذ سنوات.  لكن في المقابل تنظر الأردن من النظام السوري بتقديم خطوات إيجابية في ملفات انسانية وامنية، وقال الأردن على لسان وزير خارجيته أيمن الصفدي أن المبادرة تقوم على "مبدأ الخطوة مقابل خطوة"،

بمعنى أن يقدم نظام الأسد تنازلات أيضا للمضي بهه المبادرة. الخبير العسكري،اللواء الطيار المتقاعد، د.مأمون أبو نوار يرى في حديث لـ"عربي21" أن "نجاح المبادرة الأردنية صعب جدا"، يقول "ستصدم بقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2254، والمتعلق بوقف إطلاق النار والتوصل إلى تسوية سياسية للوضع في سوريا من خلال دستور وانتخابات جديدة لن يلقى قبولا من نظام الأسد". لكن ما يهم الأردن حسب أبو نوار هو "تخفيف التواجد الإيراني بالقرب من الحدود الأردنية، والسيطرة على عملية تهريب المخدرات والأسلحة، الى جانب استفادة اقتصادية بعد تعثر التبادل التجاري، لكن السؤال الأقوى هل ستنجح المبادرة دون موافقة أمريكية، وتوافق روسي؟".

 

وتعتبر الأردن من أكثر الدول التي تأثرت بالحرب في سوريا، يرتبط البلدات بأطول حدود مشتركة تمتد لأكثر من 375 كيلومتراً، تخللها هجوم متكرر على نقاط اردنية من قبل متطرفين إلى جانب تدفق آلاف اللاجئين السوريين وتعثر التبادل التجاري بين البلدين.

 

مشاروات اردنية- عربية

وبدأت الدبلوماسية الأردنية الترويج للمبادرة عربيا، وقال وزير الخارجية الأردني الثلاثاء في استقبال نظيره اللبناني عبدالله بوحبيب، إن "المملكة تعمل بالتنسيق مع المجتمع الدولي على التوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية، عبر المبادرة الأردنية القائمة على دور عربي ينخرط بشكل مباشر مع الحكومة السورية وفق منهجية الخطوة مقابل الخطوة للتوصل إلى حل متدرج ينهي هذه الأزمة ويعالج كل تبعاتها السياسية والإنسانية والأمنية".

وقال الصفدي في مؤتمر صحفي، إن المبادرة التي طرحتها بلاده تستهدف "إطلاق دور عربي مباشر ينخرط مع الحكومة السورية في حوار سياسي يستهدف حل الأزمة في سورية ومعالجة تبعاتها الإنسانية والأمنية والسياسية”.

وتسعى الأردن من خلال تلك المشاورات إلى تخفيف العقوبات تدريجاً عن نظام الأسد، والبدء بإعادة الإعمار، وضمان عودة آمنة للاجئين، وإجراء مصالحة وطنية تتضمن الإفراج عن المعتقلين مقابل الانخراط في عملية سياسية ديمقراطية بسوريا قوامها إجراء انتخابات شاملة، الأمر الذي يعتبره د.أبو نوار صعب المنال.



خصوصية أردنية

ويعتقد رئيس جمعية العلوم السياسية د.خالد شنيكات، أن "للأردن خصوصية في العلاقة مع سوريا كونه من أكثر الدول التي تأثرت بالحرب في سوريا، بسبب تدفق مليون وثلاثمائة ألف لاجئ سوري، مما شكل ضغطا على البنية التحتية وتكاليف على قطاعات مثل التعليم والصحة، خصوصا أن المساعدات الدولية لم تكن كما توقعها الأردن".

يقول "، "ناهيك عن الخطر الذي تشكله الميليشيات القريبة من الحدود الشمالية والإرهاب وتهريب المخدرات  والأسلحة بسبب حالة غياب الأمن على حدود السورية بسبب الحرب ، كما هنالك ضرر اقتصادي، فقد كانت سوريا بوابة تصدير لتركيا وأوروبا، لذا الأردن مهتم بإيجاد مخرج وحل سياسي في سوريا".

يتابع "المبادرة الأردنية تراعي هذه الخصوصية من خلال عودة آمنة للاجئين، ووقف تهريب المخدرات، وعودة تصدير المنتجات السورية إلى الخليج الى جانب مشاريع الربط الكهربائي، أما بالنسبة للدول العربية وخصوصا الخليجية، تطمح أن تكون سوريا دول مستقلة ذات سيادة وأن لا تتواجد على أراضيها المليشيات حسب ما تعلنه هذه الدول، في المقابل يحتاج النظام السوري لاعادة إعمار ودور خليجي لكن ضمن شروط حماية اطراف المعادلة السورية ومنع تدفق المليشيات وانشاء قواعد لها".



وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي كان قد زار دمشق منتصف فبراير الماضي والتقى بشار الأسد إبان الزلزال المدمر الذي ضرب شمال سوريا وجنوب تركيا، رحب خلالها الأسد بأي "موقف إيجابي" يصدر من الدول العربية، التي قطع عدد منها علاقته مع دمشق منذ بداية النزاع في سوريا.



لكن الحديث عن اعادة تأهيل نظام بشار الأسد ليس جديدا، إذ طرح العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني مبادرة لإعادة تأهيل النظام السوري في 2021، مبادرة طرحها الملك أمام الرئيس الأمريكي جو بايدن، تتضمن تقليص عقوبات واشنطن المفروضة على الأسد بما يخدم المصالح الأردنية.



تحليل سياسات

وحسب ورقة موقف أصدرها مركز ستراتيجيكس  للأبحاث للكاتب د. جلال سلمي توفر المبادرة الأردنية، الفرصة لتأسيس عمق استراتيجي عربي في جنوب سوريا بوجه خاص، وعلى الأرجح لن يتوانى الأردن عن المبادرة باعتبار أن التهديد لحدوده الشمالية في أعلى مستوياته، خاصة أن إيران تستهدف الضغط على الأردن.



وتتزامن المبادرة -حسب الورقة- مع سعي الأردن لتقديم معادلة جيواقتصادية إقليمية، قد تسعى لجذب الحكومة السورية وروسيا عبر مشاريع اقتصادية ذات صبغة استراتيجية، على رأسها الاتفاق الرباعي لإعادة إحياء خط الغاز العربي بواسطة أنابيب تنطلق من مصر، مروراً بالأردن وسوريا ووصولاً إلى لبنان، إلى جانب إمكانية توسع الشراكة الثلاثية بين عمان القاهرة وبغداد لتشمل مشاريع مشتركة مع دمشق.



 

خط الغاز

 

 ترى الورقة أن الموقف الرسمي السوري من المبادرة لا يزال غير واضح، خاصة في مناطق الجنوب، حيث هناك رغبة لدى الحكومة السورية لتطبيق الحل "الصفري" من خلال عودة السيطرة الكاملة للجيش السوري على محافظة درعا، وتحييد نفوذ المعارضة المسلحة.



 

أضف تعليقك