أكثر من 100 يوم من العدوان على غزة.. أين وصلت مقاطعة المنتجات الداعمة ؟

بعد مرور أكثر من مئة يوم على العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، لا يزال العديد يمارسون دورهم بمقاطعة المنتجات الداعمة للاحتلال كوسيلة للتعبير عن التضامن مع الأهالي في القطاع ، لما يتعرضون له من عدوان غير مسبوق.

شهدت الفترة الأخيرة دعوات عديدة من قبل جهات مختلفة وحملات مجتمعية للمشاركة في الفعاليات والحملات الشعبية التي تعزز التضامن مع سكان غزة.

بالإضافة إلى ذلك، شهدنا حملات توعية نشطة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، تسلط الضوء على البدائل المتاحة في الأسواق المحلية وتشجيع على مقاطعة المنتجات التي تدعم الاحتلال الإسرائيلي. وقد ساهمت هذه الحملات في زيادة الوعي حول أهمية المقاطعة كأداة فعّالة للضغط والتعبير عن الرفض.

عضو في "الأردن تقاطع" BDS  حمزة خضر يوضح لـ "عمان نت"، أنه على  الرغم من عدم وجود أي أرقام حول مدى التزام المواطنين بالمقاطعة، إلا أن هناك مؤشرات تدل على وجودها، مبينا ان الاقبال على الأماكن التي شهدت مقاطعة بداية الحملة لا زال ضعيفا حتى الآن .

ويشير خضر إلى أن الشعب الأردني تاريخيا يرفض أي شيء يتعلق بالاحتلال الإسرائيلي، ويرفض التطبيع معه،  ويرى  أن الحملة تستند إلى هذا المبدأ في كافة تحركاتها، وهذا الامر يعد مؤشرا على تمسك بعض الأفراد بالمقاطعة سواء استمرت الحرب أو انتهت، حيث تعتبر المقاطعة في الأردن جزءا من معركة الشعب الفلسطيني.

وبعد عملية طوفان الأقصى، أصبحت المقاطعة بين المواطنين أكثر انتشارا ووعيا بالمنتجات المحلية والاهتمام بها كمنتج بديل، نظرا لانتشارها بشكل كبير حيث أصبحت تحتل المراكز المتقدمة في المحلات التجارية والبقالات الصغيرة، بحسب خضر.

وشهد الأردن والمنطقة العربية بشكل عام التزاما بمقاطعة الشركات الداعمة للاحتلال الإسرائيلي، وهي مدفوعة بما يجري من جرائم إبادة جماعية التي يرتكبها الاحتلال لسنوات عديدة.

ويظهر استطلاع للرأي أجراه مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية مؤخرا، أن 95٪ من الأردنيين ملتزمون بالمقاطعة.

وبين التقرير بأن 95 % من الأردنيين قد سمعوا عن حملة مقاطعة المنتجات الأمريكية والأجنبية في الأردن، و93 % يقاطعون هذه المنتجات في الوقت الحالي، وأن 95 %  يتجهون الى المنتجات المحلية كبديل للمنتجات التي تمت مقاطعتها.

 

تحديات المقاطعة

من أبرز التحديات التي تواجه حملات المقاطعة، هو الحديث عن تأثيرها بالاقتصاد الوطني، وفقدان للوظائف، ومع ذلك تعتبر حملة "الأردن تقاطع"  بان هذه التصريحات مغالطات وغير واقعية، خاصة وان الاردن كان يعاني سابقا من تأثيرات سلبية بالبنية الاقتصادية السابقة، والتي تتمثل باشباع السوق بالمنتجات الاجنبية من قبل شركات عالمية، واليوم تعتبر فرصة المقاطعة لبناء اقتصاد أكثر قوة، يعتمد بشكل أكبر على المنتجات المحلية بدلا من الاعتماد على الاستيراد العلامات التجارية الأجنبية وذلك من خلال دعم المنتج المحلي.

مع بداية انتشار المقاطعة بشكل واسع حذر خبراء اقتصاديين من تحول حملات المقاطعة للمنتجات الداعمة للاحتلال الإسرائيلي، إلى منافسة بين المحلات التجارية والشركات المحلية، متوقعين أن يكون لها تأثير سلبي على الاقتصاد الوطني وزيادة معدلات البطالة.

وحذرت مصادر حكومية من تأثير المقاطعة العشوائية والمنافسة غير النزيهة، نظرا لما قد تسببه من خسارة لوظائف عديدة جراء دعوات لتجنب منتجات معينة، حيث يتم الترويج لفكرة توظيف أي عامل فقد وظيفته، وهو أمر قد لا يتعدى مجرد الدعاية ولا يتماشى مع الواقع.

وتشير المصادر إلى أن الأثر الاقتصادي قد يكون كبيرا، حيث تهدد بخسارة وظائف لمئات الأردنيين وتشير إلى خسارة كبيرة للخزينة.

يؤكد الخبير الاجتماعي والاقتصادي حسام عايش على أهمية التفريق بين المقاطعة كوسيلة لنقل رسالة فعالة، وبين المقاطعة العشوائية التي تحمل المعنى السلبي، خاصة بعد تحولها الى منافسة وصراع داخلي بين الشركات والمؤسسات المحلية.

ويشير عايش إلى أن هذا التحول قد يؤدي إلى مشكلات داخلية ويحول المقاطعة إلى منافسة داخلية بين الأعمال التجارية في الأردن، مما قد يؤدي إلى تشتيت هدف المقاطعة الأصلي وخروجها عن سياقها.

هذا التنافس قد يكون له تأثير سلبي على الاقتصاد الوطني، حيث قد يؤدي إلى فقدان الوظائف للعديد من الموظفين، مما يتسبب في تأثير سلبي على سوق العمل وارتفاع معدلات البطالة، محذرا عايش.

في الأصل يواجه الشباب تحديات كبيرة، خاصة في ظل ارتفاع معدلات البطالة بين خريجي الجامعات، حيث بلغت نسبة البطالة 27% بين الذكور وتجاوزت 33% بين الإناث، وفقًا للإحصاءات الرسمية الأخيرة.

مدير مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية أحمد عوض، الذي يدعو إلى توسيع دائرة المقاطعة ويؤكد أنها أداة فاعلة للضغط، يطالب في الوقت ذاته بأن تكون هذه المقاطعة واعية ومدروسة ودقيقة، وبعيدا عن الشائعات والأخبار المفبركة والزائفة التي قد تخدم مصالح شركات منافسة بقصد تصفية الحسابات، بحيث لا تشمل شركات لا علاقة لها بدعم الاحتلال ضمن دائرة المقاطعة.

ويرى عوض، في مقال له، أن ديناميكية السوق تسهم في إيجاد حلول للتحديات التي تنشأ عن ذلك، إذ أن الأسواق ستدفع باتجاه ظهور شركات ومؤسسات بديلة، ما يضمن بقاء فرص العمل في حال تغير مستمر، ولن تؤدي إلى اختفاء الوظائف.

وفي ذات الوقت، دعا خبراء اقتصاديون إلى ضرورة أن تستفيد الحكومة من هذه الفرصة الحالية، من تحويل فكرة المقاطعة الى سياسات تدعم الانتاج المحلي، وان يتم توفير فرص استثمارية أفضل في المنتجات المحلية من خلال تحفيز الاستثمار، والحوافز والإعفاءات لبعض أوجه الدعم التي تقدمها الحكومة للصناعات والمنتجات والتركيز على الجودة فيما يتم انتاجه ليساوي السلع البديلة.

أضف تعليقك