"فضيحة موارد": ماذا نقول للناس؟

"فضيحة موارد": ماذا نقول للناس؟

استبقت الحكومة الانتخابات النيابية بتحويل ملف "موارد" إلى هيئة مكافحة الفساد، قبل انعقاد مجلس النواب المقبل، وتجنّبت بذلك موضوعاً ساخناً وشعبيّاً، يثيره نواب متحمسون لإثبات وجودهم.

ملف "موارد" هو أحد الملفات الاقتصادية الغامضة، خلال السنوات السابقة، وقد أُحيط بالكتمان والضبابية، بالرغم من تعريف المؤسسة بأنّها "حكومية مستقلة"، وتتعامل مع ملفات حيوية وحسّاسة، وهي "الموارد الوطنية"، وتمثّل "ذراع الحكومة الاستثماري"، بمعنى أنّنا أمام مؤسسة كان يفترض أن تكون أعمالها ونشاطاتها واضحة كالشمس أمام الجميع، لكن ما حدث عكس ذلك تماماً!

ما فجّر "فضيحة موارد"، وأدى إلى فتح هذا الملف، هو توالي الإشاعات والأقاويل، ومن ثم التسريبات عن حجم الفساد والتلاعب الذي حدث فيها، والأخطر من ذلك الديون التي أخذتها بضمانة الحكومة وفاجأت المسؤولين اللاحقين، وإلى الآن ما نزال نهباً للمعلومات غير المكتملة وغير الدقيقة، التي تتحدّث عن اختفاء عشرات، بل مئات الملايين، وعن تصفية الشركة وإلغائها.

تحويل القضية إلى مكافحة الفساد خطوة ضرورية وإيجابية. لكن ما يثير الغيظ والمرارة أنّ فتح هذا الملف اليوم يكشف إلى أي درجة كان حجم الفساد وإهدار المال العام والترهل متفشيّاً في السنوات الماضية!

من ملف موارد، إلى مصفاة البترول، وقبلها التسهيلات المالية، فالاختلاسات التي تكشّفت في العديد من الوزارات، وظاهرة الجمع بين المال والبزنس في مشاريع حيوية للدولة، وتجاوز كافة المحرّمات الإدارية فيها، إلى قضايا أخرى لم تدخل إلى الجدل الإعلامي، إلى الإثراء الفاحش الذي أصاب مسؤولين سابقين، وما خفي أعظم!

يا ترى كم هو حجم المال الذي ابتلعه الفساد خلال أربعة أعوام فقط (2004-2008)؟! ثم صحونا مرّة أخرى على عجز كبير ومديونية هائلة، وشد للأحزمة من أجل توفير 200 مليون دينار من الموازنة، مع العلم أنّ الحديث حالياً هو عن 150 مليون دينار في ملف موارد وحدها، فماذا يمكن أن نقول للناس اليوم؟!

هل نعترف أنّ كل هذا الضغط الاقتصادي والضبط، بمثابة جزء من الثمن الباهظ الذي تدفعه الدولة والمجتمع معاً للفساد.

بالطبع، الموضوع أمام هيئة مكافحة الفساد، ولن نستبق الأحكام بالإدانة أو الاتهام، بخاصة أنّ هناك إدارة جديدة للهيئة، لكن ما نطالب به بوضوح، بخاصة عندما تتحوّل القضية إلى المحكمة، ألاّ نجد قراراً من النائب العام بـ"منع نشر التفاصيل"، كما حصل في قضية المصفاة، فهذه قضية تمسّ كل مواطن، ولنا الحق الكامل في الاطلاع عليها، وأن يتم الإعلان عن المسؤولين المتورطين فيها.

لكن الملف المسكوت عنه، الأهم والأخطر، في قضية موارد هو السؤال الذي يجب أن نفتحه فوراً: لماذا تفشّى الفساد بهذه الصورة المرعبة في الطبقات العليا والدنيا خلال فترة وجيزة؟!

لسنا دولة نفطية ولا ثرية، ما يبرر وجود درجة من التساهل أو التراخي في التعامل مع المال العام، فبالكاد تجمع رواتب الموظفين في الحكومة في آخر كل شهر، وبعد أن يتم وضع ملاحق للموازنة واللجوء إلى القروض والمنح، وهنالك آلاف الأسر التي تعتمد على المساعدات المالية!

لو كانت هنالك شفافية ومساءلة ومؤسسات رقابية فاعلة حقّاً منذ زمن لما رأينا كل هذه الملفات المقلقة جداً!

الغد

أضف تعليقك