البرلمان يفرض قيودا لا يحتملها قانون الاحزاب

مشروع القانون مبني على اربع كوتات واشتراطات تعجيزية مكانها نظام التمويل الحزبي

ينطوي قانون الاحزاب الجديد المنظور امام مجلس النواب هذا الأوان على قيود لا تتناسب ومعايير الدستور الأردني والشرعة الدولية الناظمة لحقوق الإنسان فيما يتعلق بتأسيس الأحزاب السياسية والنقابات المهنية وأية تنظيمات اجتماعية ومهنية أخرى.

وتنص الفقرة (2) من المادة 16 ( للأردنيين الحق في تأليف الجمعيات والنقابات والأحزاب السياسية على أن تكون غايتها مشروعة ووسائلها سلمية وذات نظم لا تخالف أحكام الدستور).

ووفقا لنص الفقرة (1) من المادة ( 20 ) من الاعلان العالمي لحقوق الانسان فان ( لكل شخص حق في حرية الاشتراك في الاجتماعات والجمعيات السلمية )، فيما نصت الفقرة (2) من المادة (29 ) منه (لا يخضع أي فرد، في ممارسة حقوقه وحرياته، إلا للقيود التي يقررها القانون مستهدفا منها، حصرا، ضمان الاعتراف الواجب بحقوق وحريات الآخرين واحترامها، والوفاء بالعادل من مقتضيات الفضيلة والنظام العام ورفاه الجميع في مجتمع ديمقراطي ).

وحددت الفقرة (3) من المادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية تلك الشروط التي يمكن للحكومة فرضها بموجب القانون المحلي مشترطة أن تكون ضرورية وهي ( (أ) لاحترام حقوق الآخرين أو سمعتهم، و (ب) لحماية الأمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة ).

وبموجب المادة 21 من العهد الدولي فإنه ( يكون الحق في التجمع السلمي معترفا به. ولا يجوز أن يوضع من القيود على ممارسة هذا الحق إلا تلك التي تفرض طبقا للقانون وتشكل تدابير ضرورية، في مجتمع ديمقراطي، لصيانة الأمن القومي أو السلامة العامة أو النظام العام أو حماية الصحة العامة أو الآداب العامة أو حماية حقوق الآخرين وحرياتهم ).

وضمنت المادة 22من العهد الدولي الحق لكل فرد " في حرية تكوين الجمعيات مع آخرين، بما في ذلك حق إنشاء النقابات والانضمام إليها من أجل حماية مصالحه ـ فقرة 1ــ، فيما أعادت الفقرة (2) من نفس المادة التاكيد على الشروط التي يتوجب مراعاتها في القوانين التي توضع على ممارسة هذا الحق قائلة (لا يجوز أن يوضع من القيود على ممارسة هذا الحق إلا تلك التي ينص عليها القانون وتشكل تدابير ضرورية، في مجتمع ديمقراطي، لصيانة الأمن القومي أو السلامة العامة أو النظام العام أو حماية الصحة العامة أو الآداب العامة أو حماية حقوق الآخرين وحرياتهم. ولا تحول هذه المادة دون إخضاع أفراد القوات المسلحة ورجال الشرطة لقيود قانونية على ممارسة هذا الحق).

ومنعت الفقرة (2) من المادة (5) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية( فرض أي قيد أو أي تضييق على أي من حقوق الإنسان الأساسية المعترف أو النافذة في أي بلد تطبيقا لقوانين أو اتفاقيات أو أنظمة أو أعراف، بذريعة كون هذا العهد لا يعترف بها أو كون اعترافه بها في أضيق مدى ).

واستندت الحكومة ــ كالعادة ــ في صياغة هذا القانون إلى سلسلة الاشتراطات الى نص الفقرة (3) من المادة (16 ) من الدستور التي تنص على (ينظم القانون طريقة تأليف الجمعيات والنقابات والأحزاب السياسية ومراقبة مواردها ).

وباقرار مجلس النواب اليوم المادة (10 ) من مشروع القانون بتحديد ما نسبته 10% لكل من الشباب والمرأة من إجمالي عدد المؤسسين البالغ الف عضو وأن يكون من بينهم عضو مؤسس من ذوي الاحتياجات الخاصة، واشتراطه رفع هذه النسبة للشباب والمرأة إلى 20% خلال السنوات الثلاث الأولى من التأسيس بذريعة التدرج ــ على حد قول رئيس اللجنة القانونية النائب عبد المنعم العودات ــ إنما تندرج كلها تحت وصف الاشتراطات القاسية والمبالغ فيها وبما بخالف منطوق الدستور الأردني والاعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

إن توسع المشرع في وضع الاشتراطات على نحو أن يكون المؤسسون من سكان (6) محافظات على الأقل، بحيث لا يقل عددهم عن (30) شخصًا من كل محافظة، وأن لا تقل نسبة الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين (18) و(35) سنة عن ( 10 %)من عدد المؤسسين، وأن لا تقل نسبة المرأة عن (10 %) من عدد المؤسسين، وأن يكون من بينهم واحد على الأقل من الأشخاص ذوي الإعاقة، وأن لا يقل عدد المؤسسين الحاضرين وجاهيًّا في المؤتمر التأسيسي عن ثلث أعضائه المؤسسين، إنما تأتي جميعها في سياقٍ مخالف لمنطوق "الإصلاح السياسي " أيضا ، بالرغم من أن أهداف المشرع من هذه الاشتراطات تستهدف إفساح المجال امام المشاركة السياسية لفئات الشباب والنساء، إلا أن هذه الأهداف صيغت بطريقة خاطئة وفي المكان الخاطيء تماما.

هذه الاشتراطات كان من الأفضل وضعها في نظام التمويل السياسي للأحزاب وليست في القانون الأصلي، وكان يتوجب على المشرع التعامل مع تلك الإشتراطات باعتبارها محفزات للاحزاب للحصول على التمويل المالي العمومي، وليس كاشتراطات للتأسيس.

كان يتوجب على المشرع التوجه مباشرة الى نظام التمويل السياسي العمومي للأحزاب ووضع مروحة من الحوافز للأحزاب ونقل هذه الاشتراطات من القانون الى النظام، وتضمينها في مروحة من المحفزات ترتبط بزيادة نسبة التمويل العمومي كلما نجح الحزب في تحقيق أحد هذه الاشتراطات أو لها بما فيها حصوله على مقاعد في البرلمان.

إن المشرع عاد مرة أخرى لصياغة قانون أحزاب مبني على اربع كوتات هي كوتا للشباب، وكوتا للنساء، وكوتا لذوي الاحتياجات الخاصة، وكوتا للمحافظات، وهو أمر لن يسمح بتحقيق نقلة إصلاحية في العمل الحزبي المنشود..

أضف تعليقك