هل لتخلي الأمير حمزة عن لقبه الملكي تداعيات على الصعيد الداخلي؟

الأردنيون بطبيعتهم يحبون الإثارة السياسية والتفاعل مع الأحداث الإقليمية والدولية، لكن عندما يتعلق الأمر بحدث داخلي فإنهم يستنفرون قلقا على أحداث عادية أحيانا من حوادث أو جرائم، فما بالك إذا كان القلق متعلق بالنظام السياسي القائم على الملكية.

ورسالة تخلي الأمير حمزة عن لقبه الملكي بعد رسالة الإعتذار الشهير توحي بعدم طي صفحة "الفتنة"

وأعتقد أن الأمير قد خلط الأوراق، وقد ينقلها لمساحة مختلفة تنطوي على مجازفة غير محسوبة العواقب.

الديوان الملكي لديه من الحكمة لعدم الانجرار من جديد لمستنقع أجواء الفتنة السابقة، وليس لديه ترف الرد والظهور أمام المجتمع الأردني والخارجي بمظهر الضعف، والأخطر أن يعود الاستقطاب من جديد في المجتمع، الذي يحتاج الى الاستقرار السياسي وإعادة عملية البناء والاصلاح ووضعهما على السكة.

 وعندي قناعة راسخة بضرورة الإلتزام التام من الأطراف جميعها بالدستور، والذي ينص في أحد نصوصه، على أن الحكم نيابي ملكي وراثي، والجناح الأول هو النيابي وتم إضعافه عبر سنين طويلة، وبالتالي بالضرورة يضعف الجناح الآخر، فلا بد من تقوية الجناح النيابي وتعزيزه بالإصلاح السياسي المفترض بمخرجات اللجنة الملكية وإقرار مجلس الأمة لقانوني الأحزاب والانتخاب، وبذلك يفترض - ولو نظريا - تعزيز وتقوية الجناح الآخر وهو الملكي الوراثي.

لكن الممارسات الحكومية الحالية في السعي إلى هندسة مدخلات الإصلاح السياسي ومنها "هندسة الأحزاب الجديدة" قد تخل بالمبدأ الدستوري آنف الذكر، عدا عن ضعف مؤسساتنا وترهلها. 

فتعزيز وتفعيل الدستور واستقلال السلطات الثلاث بشكل حقيقي، هو أساس الإستقرار، والتسريع بالإصلاح السياسي والإداري والاقتصادي، هو ضرورة للتقدم والتغيير للأفضل.

الدولة الديمقراطية الناجزة تصبح أكثر رسوخا، مع تداول السلطة بين الفرقاء بشكل سلمي ووفق قواعد العملية السياسية الديمقراطية، فالدولة القوية متطلب أساسي لأي تطوير نحو الديمقراطية الناجزة والراسخة. 

ولكنها ليست الدولة المستبدّة ولا دولة الحزب الواحد " السلطة العميقة". فصُلب الدولة القوية هو “سيادة القانون”، فلا أحد فوق القانون، والدولة بسلطاتها الثلاث ومؤسساتها عليها أن تدير الشأن العام بتكامل واقتدار، فلا تغول من سلطة على أخرى.

وعودة لرسالة تخلي الأمير عن لقبه الملكي المقلقة، فلها إيجابيات - في نظري-  ستعمل السلطة العميقة إلى إعادة ومراجعة تقييم الحالة السياسية وإعادة التموضع وإداراك أن أي تدخل بشكل صارخ ومكشوف في هندسة العملية السياسية، سيؤدي إلى مخاطر لا يمكن تجنب عواقبها، وعليها أن تبقى كمراقب، وعلى جميع أطراف المعادلة السياسية، السير بهدوء دون ضجيج نحو الهدف المنشود وهو حكومات برلمانية ودولة قوية تتداول السلطة ديمقراطيا بموازاة الاصلاح الاداري والاقتصادي.

أضف تعليقك