لماذا نقوم بالتبرع بـ 25 ألف دولار يوميا للاحتلال ؟؟

لماذا نقوم بالتبرع بـ 25 ألف دولار يوميا للاحتلال ؟؟

من بديهيات فكرة التبرعات أنها طوعية، أي أنه يحق للمعطي أن يقوم بالتبرع أو الامتناع عن ذلك، وفي هذه الحالة تنطبق الفكرة علينا كعرب بشكل عام ولو أن المواطن الفرد قد يعتقد أنه مجبر على تقديم هذه التبرع للاحتلال. ما هو هذا التبرع وكيف توصلت إلى هذا المبلغ وهل فعلا ممكن عدم تقديم هذا "التبرع" بدون أي ضرر قومي؟ التبرع الذي أتحدث عنه هو قيمة التصريح التي يدفعها المواطن المقدسي عند الذهاب إلى الأردن عبر الحدود البرية. والمبلغ هو عبارة عن تقديرات، بناء على معلومات من العاملين في وزارة الداخلية الإسرائيلية والذين قالوا لي إن عدد السكان المقدسيين الذين يحصلون على تصريح للسفر للأردن يتراوح ما بين 300-600 شخص يوميا، ومن المعروف أن التكلفة الجديدة لتصريح سكان القدس الشرقية العرب للسفر إلى الأردن عبر جسر الملك حسين هو 205 شيكل، وبحساب بسيط نكتشف أن المقدسيين (لو أخذنا متوسط العدد بـ 450 مسافر يوميا) يدفعون حوالي 92,250 شيكل رسوم التصاريح، أي حوالي خمسة وعشرون ألف دولار يوميا، دون أن أذكر هنا ضريبة الخروج (167 شيكل) لأنني أريد التركيز على رسم يمكن الاستغناء عنه دون أي ضرر بقرار من الجانب الأردني فقط. إسرائيل لا تفرض استخدام التصريح وتخير المسافر الخروج بوثائق سفر مختلفة في حين تصر الجهات الأردنية، وبإصرار قوي، على عدم السماح لأي مقدسي بدخول أراضيها عبر البر إلا باستخدام التصريح الإسرائيلي. فالسؤال إذن: لماذا يتم فرض استخدام تصريح الخروج وليس وثيقة السفر اللسية بسيه (lasser passer) أو أي جواز سفر دولي؟ الجواب الرسمي والمكرر من كل مسؤول أردني وبشكل روتيني أن هدف الإصرار الأردني على ذلك هو لحماية حقوق المواطنين المقدسيين لهويتهم وإقامتهم؟ وعند الإصرار يأتي الجواب أن الموقف الأردني في هذا الموضوع يأتي بناء على طلب فلسطيني، فهل هذا صحيح؟ يؤكد القانونيون الفلسطينيون، وخبراء في أمور المواطنة أن استخدام اللاسية بسيه لا يضر بإقامة صاحب الشأن ما دام يعود لفلسطين دون تجاوز مدة وثيقة السفر، ويقول الخبراء أن ذلك مثبت من خلال المئات بل ربما الآلاف من المقدسيين الذين يسافرون يوميا إلى الخارج جوا بما في ذلك الأردن مستخدمين وثائق السفر تلك، ويستغرب الخبراء رفض الأردن السماح للمقدسيين استخدام اللاسية بسيه، علما أنه مثبت على وثيقة السفر تلك أن الجنسية الأصلية لحاملها أردني حيث أن مناطق القدس تم احتلالها من الأردن عام 1967 ولم يتم بسط سيادة السلطة الوطنية على القدس وسكانها، وتحدد وثيقة السفر تلك أو أخريات يتم ختمها على أي مقدسي حاصل على جواز سفر عالمي بالسماح لحامل تلك الوثيقة بالعودة حيث نص باللغة الانجليزية re entry permit to Israel until أي يسمح لحاملها العودة إلى إسرائيل ولغاية (تاريخ الانتهاء). في سنوات الاحتلال الأولى ابتكر وزير الجيش الإسرائيلي آنذاك موشية ديان ما سمي بسياسة الجسور المفتوحة وتم إدخال فكرة التصاريح لكافة السكان الفلسطينيون بما في ذلك سكان القدس، وبعد إقامة السلطة الوطنية الفلسطينية والسماح لها بإصدار جوازات سفر فلسطينية أصبح للمواطن الفلسطيني حق السفر عبر جسر الملك حسين بواسطة الجواز الفلسطيني ولأي عدد من السفرات يرغب المواطن بالسفر دون الحاجة إلى شراء تصريح كل مرة يسافر بها إلى الأردن، وجوازات السفر الفلسطينية، كما هو معلوم، لم يتم إصدارها للمقدسيين ولذلك بقي الجانب الأردني على موقفه بعدم قبول أية وثيقة سفر من المقدسيين سوى التصريح والذي يتم التعميم عليه بين كل ضباط الحدود، ويتم إعادة أي مواطن مقدسي في حال عدم حيازته لذالك التصريح. الجانب الإسرائيلي يقول إنه مسموح لسكان القدس السفر بأية وثيقة ولكنه يستغل الموقف الأردني برفع تكلفة التصريح بحجة أن وزارة الداخلية الإسرائيلية مجبرة على تعيين موظف دائم على الجسر لاستصدار تصاريح الخروج . الأمر الغريب الآخر أن ضابطة الحدود تقوم عند تقديم التصريح بمصادرة الهوية والاحتفاظ بها على الجسر ولغاية العودة، ويبقى التصريح الورقي هو الإثبات الوحيد للإقامة وقد فقد العديد من المقدسيين تصاريحهم وواجهوا صعوبات كثيرة بسبب ضياع تلك الورقة في حين أنه لو سمح للمقدسيين بالسفر بواسطة وثيقة السفر فسيسمح لهم بالاحتفاظ بهويتهم المقدسية والتي تؤكد إقامتهم. إن الجانب الأردني متشبث بموقفه المبني على قرار اتخذ قبل 44 عام دون الاستعداد للبحث ببدائل قانونية تسمح للمواطن المقدسي السفر والعودة للقدس بتكلفة أقل وبالاستمرار للحفاظ على هويته وإقامته، فقد آن الأوان، بعد أن أصبح مجمل تكلفة السفر للمواطن المقدسي أكثر من مئة دولار للجهات الفلسطينية الرسمية والشعبية بالتعاون مع الجهات القانونية وحكومة المملكة الأردنية الهاشمية، للبحث عن طرق لضمان سفر المواطنين المقدسيين بتكلفة أقل وبالحفاظ على هويتهم ودون التبرع غير المبرر لسلطات الاحتلال بهدية يومية تبلغ خمسة وعشرين ألف دولار. *الكاتب صحفي فلسطيني يتنقل أسبوعيا من القدس إلى عمان

أضف تعليقك