تحديات السلامة والصحة المهنية في المملكة.. بين القوانين والتطبيق

رغم الجهود المبذولة لتطوير الأنظمة والقوانين لضمان بيئة عمل آمنة، تضمن حق العمال في العودة إلى منازلهم سالمين، إلا أن ضعف الرقابة والتفتيش، والتقصير في التوعية المهنية من قبل أصحاب العمل، يزيد من حالات الإصابات في مجال العمل في المملكة

هذا ما تشير إليه البيانات الرسمية إلى ارتفاعات بنسبة 58.9% في أعداد الإصابات والأمراض المهنية خلال عام 2022 مقارنة بالعام 2020.

وتصدرت الإصابات في عدة قطاعات، حيث سجلت أنشطة الصحة والعمل الاجتماعي أعلى نسبة بلغت 29.9 %، تلاها الصناعات التحويلية بنسبة 24.5 %، وتجارة الجملة والتجزئة بنسبة 12.1 %، وأخيرا الإدارة العامة والدفاع والضمان الاجتماعي بنسبة 9.5 %.

 

تشريعات دون تنفيذ

على الرغم من التقدم الملموس في مجال التشريعات لضمان حماية المؤسسات والعمال، حيث صدرت مجموعة من الأنظمة والتعليمات منذ عام 1979، إلا أن هذه التشريعات لم تراجع حتى الآن ولا تزال سارية دون تحديث، وهذا برغم تطور العديد من المهن والمهام المطلوبة من أصحاب العمل.

في عام 2023، تم تعديل ثلاثة أنظمة رئيسية، تتعلق نظام بتشكيل لجان السلامة والصحة المهنية وتعيين المشرفين في المؤسسات، ونظام السلامة والصحة المهنية والوقاية من الأخطار المهنية في المؤسسات، ونظام العناية الطبية الوقائية والعلاجية للعمال في المؤسسات، وهي تتضمن أحكاما متطورة عما كانت عليه الأنظمة السابقة والتي مضى على العمل بها أكثر من 25 سنة دون أي مراجعة.

وأصدرت تعليمات لتحديد أنواع الأخطار المهنية واتخاذ التدابير الوقائية، بالإضافة إلى تعليمات لحماية فئات معينة مثل النساء الحوامل والمرضعات وذوي الإعاقة والعاملين الليليين.

ومع ذلك، يرى رئيس مركز بيت العمال المحامي حمادة أبو نجمة أن هناك فجوة كبيرة في التشريعات التي تشمل القطاع غير المنظم، والذي يشكل أكثر من نصف القوى العاملة في المملكة بنسبة 45%، وهو بحاجة ماسة لتغطية قانونية خاصة به.

ويوضح مسؤول الإعلام والاتصال في المرصد العمالي، مراد كتكت، أن التشريعات المعمول بها تتماشى بشكل كبير المعايير الدولية في مجال السلامة والصحة المهنية، لكن التحدي يكمن في ضعف تطبيق هذه التشريعات، حيث يتهرب بعض أصحاب العمل من الالتزام بها نظرا لضعف عمليات الرقابة من قبل الجهات المختصة.

ويشدد خبراء في مجال حقوق العمال على أهمية تطوير أجهزة الرقابة والتفتيش وتفعيل أدائها ليشمل كافة المؤسسات وقطاعات العمل المنظمة وغير المنظمة، خاصة وأن المعدل السنوي للزيارات التي يقوم بها مفتشو العمل في مجال السلامة والصحة المهنية معدله بحدود 5 آلاف زيارة.

 

15 مفتشا فقط

الإحصائيات الرسمية المتعلقة بالسلامة والصحة المهنية وإصابات العمل وحوادث العمل في الأردن لا تعكس الوضع الفعلي، حيث يقدر أن الإصابات أكثر بكثير مما يعلن عنه رسميا، وهذا يعود إلى عدة عوامل.

ويرجع أبو نجمة، ذلك إلى العديد من العوامل منها عدم توفر الاختصاص نفسه ما بين كواد المفتشين، حيث لا يتجاوز عددهم بين 10 إلى 15 مفتشا من أصل 200 مفتش في وزارة العمل.

ويوضح أبو نجمة هذا النقص إلى عدة أسباب، بما في ذلك عدم توفر الاختصاصات اللازمة بين كوادر المفتشين، وقلة التعيينات في القطاع الحكومي، بالإضافة إلى استخدام التكنولوجيا لتحسين الرقابة، مما يقلل من الحاجة إلى المفتشين.

من جانبه يشير كتكت إلى أن غياب فعالية الرقابة والتفتيش يمكن أن يؤدي إلى زيادة حالات الإصابات في العمل، خاصة في المؤسسات الصغيرة والمتوسطة.

ويرى أن إحصاءات الإصابات تقتصر فقط على العمال المشتركين في الضمان الاجتماعي، مما يترك نصف القوى العاملة غير مسجلة، وبالتالي فإن إحصاءات الإصابات غير دقيقة.

في بيان لوزارة العمل يشير إلى أن مديرية السلامة والصحة المهنية ومفتشيها في مديريات الميدان في كل المحافظات تنفذ زيارات تفتيشية على منشآت القطاع الخاص للتأكد من مدى التزامها بمعايير وشروط السلامة والصحة المهنية استنادا لأحكام قانون العمل رقم (8) لسنة 1996 والأنظمة والتعليمات الصادرة بموجبه.

كما تؤكد الوزارة على أهمية دور مشرفي السلامة والصحة المهنية في ضمان بيئة عمل آمنة وسليمة للعمال وتوفير وسائل الوقاية اللازمة.

أضف تعليقك