الحكومة توفر نظام حماية لشركات الكهرباء على حساب الطاقة المتجددة

"وقعنا بالفخ"، بهذه العبارة يصف المواطن أسامة الفايز تجربته مع تركيب نظام للطاقة الشمسية في منزله. "كموظف بسيط دفعت 3 آلاف دينار  لتركيب النظام، حتى أستفيد منه اقتصاديا في منزلي لكن الأمور ارتدت عكسيا على راسي".

فرضت الحكومة "دينارين" على كل كيلو واط لمالكي أنظمة الطاقة المتجددة ضمن التعرفة الجديدة التي بدأ تطبيقها مطلع نيسان/ أبريل الماضي للقطاع المنزلي فقط، ولا تشمل القطاعات الاقتصادية، مثل المصانع والبنوك والمنشآت التجارية.

الفايز اعتبر أن الحكومة لا تشجع على الطاقة الشمسية،  وأنه لو علم عن هذا القرار لما قام بتركيب الألواح الشمسية، ووصف خطوة الحكومة بأنها "استدراج للمواطنين بحجة التشجيع على الطاقة المتجددة، ثم فرضوا الضرائب".

تجربة مشابهة حدثت مع علاء اليوسف، الذي باع  مركبته لتركيب نظام طاقة متجددة لمنزله قبل عامين بكلفة 2900 دينار، بسبب ارتفاع فواتير الكهرباء الشهرية، ويقول" "شفت الناس مقبلة على الطاقة المتجددة وغرر فينا"، ويضيف أنه يحتاج التيار من شبكة الكهرباء الرسمية في فصل الشتاء ويدفع 20 - 50 دينارا، أما مع هذه الرسوم ستصبح تكاليف الصيف كتكاليف الشتاء، "ما الفائدة من الطاقة المتجددة!"

ويتساءل اليوسف عن أسباب تشجيع الدولة على الطاقة المتجددة باتاحة المجال أمام الناس للتقسيط الميسر من البنوك كونها طاقة نظيفة.

تعمل في الأردن  400 شركة لأنظمة الطاقة المتجددة، 130 منها في الشمال، و90 في المئة من هذه الشركات متخصصة في القطاع المنزلي. ومع فرض الدينارين اقتربت نسبة الإقبال على هذه الشركات من "الصفر"، والتي يعمل بها زهاء 10 آلاف شخص بشكل مباشر بين إداريين وفنيين ومهندسين وعمال، والآلاف بصورة غير مباشرة من سائقين وعمال مياومة وموردين وخريجين جدد.

وينتقد الناطق باسم تجمع شركات الطاقة المتجددة رامي فريح، فرض "الدينارين" ويقول، إن الطاقة المتجددة للقطاع المنزلي لا تمثل سوى 20 في المئة عام 2020، من إجمالي الطاقة المتجددة في المملكة، والتي  تعادل حوالي نظام واحد لمحطة طاقة متجددة لأحد المولات التجارية التي لا تشملها ضريبة الدينارين .

محرومون من الدعم

وينوه فريح  إلى أن التعرفة الكهربائية المدعومة (الحكومة تشارك بجزء من سعر الفاتورة)، تطبق فقط على نظام الطاقة ذي قدرة 3.6 كيلو واط كحد أقصى، أما الراغبين بالحصول على توليد أعلى واستخدام شبكة الكهرباء تطبق عليهم التعرفة غير المدعومة بواقع 12 قرشا عن كل كيلو، إضافة لمبلغ الدينارين الثابتة لكل كيلو واط .

نظام التوليد                 المبلغ الشهري

3.6 كيلو                      7.2 دينار 

10 كيلو                     20 دينار

20 كيلو                   40 دينار

50   كيلو                         100 دينار

وخلص فريح إلى عدم جدوى أنظمة الطاقة المتجددة اقتصاديا "من يركب نظام 5 كيلو أو 10 كيلو ولا يغطي استهلاكه الشهري، فسيضطر للتزود من شبكة الكهرباء بسعر غير مدعوم، وهنا الأفضل إلغاء نظام الطاقة المتجددة وإهماله، وتقديم طلب للحصول على التعرفة المدعومة التي بدأت الحكومة تطبيقها في نيسان/ أبريل" .

التعرفة المدعومة من 1 - 300 كيلو واط بسعر 5 قروش، ومن 301 - 600 كيلو واط بسعر 10 قروش وأكثر من 600 كيلو واط ساعة، 200 فلس لكل كيلو واط ساعة .

بلغ عدد المشتركين بأنظمة الطاقة المتجددة في الأردن  35 ألف منزل، وما يزيد عن 80 في المئة منهم سيحصل على التعرفة المدعومة حال لجوئه لاستخدام الشبكة الكهربائية . ونسبة 20 في المئة من مالكي هذه الانظمة، سيدفعون وفق التعرفة غير المدعومة حال استخدام النظام الكهربائي بواقع 12 قرشا للكيلو الواحد .

يبرر رئيس مجلس مفوضي هيئة تنظيم قطاع الطاقة والمعادن حسين اللبون فرض "الدينارين"، بأن تركيب النظام المتجدد ما زال مجد من ناحية اقتصادية لأي مواطن، ونحن نشجع عليه لمن كانت فاتورته 200 دينار سابقا، واليوم سيدفع كمركب للطاقة الشمسية 20 - 30 دينار .

نظام الطاقة المتجددة لا يولد  بشكل كاف أثناء الشتاء والغيوم، وبهذه الحالة يأخذ المستفيد من شبكة الكهرباء، ما يزيد الطلب من مشغل النظام الكهربائي، الذي يتطلب تشغيل محطات إحتياطية حتى يزود لمركب الطاقة المتجددة، الذي لا يقبل كمواطن أن تنقطع عنه الكهرباء وكل ذلك له كلف، بحسب اللبون.

ويضيف: "ليس الهدف معاقبة الناس أو ثنيهم، وإنما نشجع على استخدام الطاقة المتجددة وبنفس الوقت نريد توفير حماية للنظام الكهربائي الذي كلفته مئات الملايين ولنتمكن من إدامته"  .

 

زيادة مشتركي الطاقة المتجددة والظلام التام

وأوضح اللبون انه  في حال وصول مشتركي أنظمة الطاقة المتجددة 2 - 3 ملايين مشترك وحتى يكون النظام الكهربائي قادرا على استيعابهم فنيا، فيجب أن تكون استثمارات بالنظام الكهربائي لاستيعاب الأعداد الإضافية و إن الهيئة تدرس حاليا مع مستشارين خارجيين توسيع  أنظمة التخزين لاستيعاب الطاقة المتجددة بشكل أوسع. وذكر أنه خلال فترة عيد الفطر الماضي تم فصل أنظمة طاقة متجددة عن الشبكة بسبب عدم قدرة النظام الكهربائي على استيعابها.

يرى رئيس لجنة الطاقة والثروة المعدنية النيابية النائب فراس العجارمة أن فرض الدينارين على المواطن جاء باعتباره الحلقة الأضعف "وهذا دليل على فشل القائمين على قطاع الطاقة، فهم يقومون بالتضييق على أصحاب الطاقة المتجددة لخوفهم من (Blackout) الذي حصل العام الماضي".

Blackout الظلام التام:

فشل الشبكة الكهربائية في الحفاظ على ثبات الجهد والتردد، مما يؤدي إلى خروج كل وحدات التوليد من الخدمة ومن ثم انقطاع الكهرباء عن كل الأحمال .

 

ويضيف العجارمة: التناقض أن رسوم الدينارين لم تفرض على المشاريع الكبرى التي منحت تصاريح لإنتاج 50 ميجا ، وتوفر 3 ملايين دينار سنويا وهذا مبلغ لا يقدم ولا يؤخر بموازنة الدولة .

قدم العجارمة استجوابا للحكومة، ولم يصله الرد .

تعقيدات الموافقة على تركيب الألواح الشمسية 

قال وزير البيئة معاوية الردايدة أن المعني بزيادة الدينارين هي وزارة الطاقة والثروة المعدنية، أما وزارة  البيئة نشجع على استخدام الطاقة النظيفة كونها تساعد على تخفيف البصمة الكربونية، وبنفس الوقت تحافظ على البيئة والطبيعة .

 

وقال رئيس مجلس إدارة جمعية إدامة للطاقة والمياه والبيئة الدكتور دريد محاسنة أن أي ضريبة يتم وضعها على الطاقة المتجددة هي ضريبة على البيئة ، إضافة للتعقيدات التي تمارس للحصول على موافقة لتركيب الألواح الشمسية، لأن مصلحة الحكومة وشركات الكهرباء تحقيق أرباح من الطاقة، وهذه رؤية قصيرة المدى في فرض ضرائب على حساب البيئة النظيفة والتطور المستقبلي للطاقة المتجددة .

إجراءات تقديم طلب تركيب الألواح بحسب الناطق الإعلامي باسم شركة كهرباء اربد علاء القرعاوي، تتطلب أن "يقوم المواطن بتقديم طلب لشركة الكهرباء والتي قد ترفضه لأسباب تتعلق بأمور فنية وعدم مواءمة الربط مع الشبكة الكهربائية بما لا يلحق ضررا بالمشترك نفسه وبالآخرين المجاورين له".

وبعد الموافقة يقول القرعاوي "تقوم  الشركة التي يتعاقد معها المواطن بتركيب الألواح الشمسية وتوصيلها على قاطع الكهرباء المنزلي ، فتعود شركة الكهرباء  للكشف على النظام من الناحية الفنية ونقاط الربط لضمان تشغيله بشكل سليم ولغايات احتساب الطاقة المصدرة والمستوردة".





 

أضف تعليقك