إخوان عمان وطالبان..لا شيء يشبه الأمس

عادت طالبان بنسختها الجديدة لحكم افغانستان فاتحة بذلك الباب أمام طموحات "ألإسلام السياسي المحاصر" للهجرة مرة أخرى إلى أواسط آسيا بحثا عن ملاذات آمنة، لكن لا تبدو خارطة كابول سنة 2021 هي ذاتها الخارطة التي خبرتها جماعات الإسلام السياسي طيلة عقد ثمانينيات القرن المنصرم..

في مطالع ما كان يسمى "الجهاد الافغاني" سنة 1980 ظل الأفغان الأكثر قربا من جماعة الاخوان المسلمين العالمية، لكن ما ميز اخوان الاردن أنهم ظلوا على مسافة آمنة تسمح لهم بالمراقبة والمشاركة على استحياء، فيما كانت شقيقاتها في الجماعة نفسها تتورط بالانخراط في العمل العسكري المباشر في كابول وبرعاية امريكية مصرية سعودية مباشرة.

لقد كان التحاق د. عبد الله عزام في معكسرات الافغان في قندهار سنة 1984 فاتحة علاقة مباشرة بين اخوان الاردن والافغان، وبالرغم من أن اعداد الأردنيين الذين التحقوا للقتال الى جانب الأفغان ضد"الملحدين السوفييت " ظل محدودا الى حد كبير قياسا بالجنسيات الأخرى"السعودية، المصرية، الكويتية..الخ"، إلا أن الجماعة الأم ظلت تعتبر مواجهة السوفييت في كابول حربها الأثيرة، وهذا ما كان يدعو له أمير الجهاد العربي في أفغانستان آنذاك د. عبد الله عزام الذي دفع في النهاية حياته وحياة ابنه ابراهيم ثمنا لجولات الصراع اللاحقة بين أمراء الجهاد الأفغاني، وقبل ان تظهر حركة طالبان على خارطة الصراع الافغاني بشكل مؤثر، وقبل ان تبسط سيطرتها على افغانستان.

اليوم تظهر على السطح مشكلة ربما سيكون لها ما بعدها بعد ان اعلنت امريكا عن نقل 2500 لاجيء افغاني الى الأردن قالت في بيان توضيحي لها انها ستضعهم مؤقتا في ملاذات آمنة في الأردن قبل نقلهم الى أمريكا.

والمشكلة هنا ليست فيما قالته أمريكا عن جهدها "الإغاثي" المثير للشك والريبة، وإنما فيما يمكن لجماعة الاخوان في الأردن عمله تجاه"أحباب الأمس"، وللحقيقة فان كل المعطيات المتاحة لا تشير من قريب او بعيد إلى أن ثمة علاقات مفتوحة بينها وبين مجموعة طالبان بنسختها الجديدة ــ حتى الان على الأقل ــ ، وإن كانت الجماعة الأم ــ التنظيم العالمي ــ لا يقف بعيدا عن غرفة التنسيق مع طالبان التي عملت واشنطن على تأهيلها، وإعادتها مجددا للمشهد الأفغاني بعد ان عبثت تماما بجيناتها، ونجحت في إعادة بعث شهوة السلطة في عيون أمرائها، وبالنتيجة فليس أمام طالبان اليوم أي عدو عقائدي يمكن ان تحاربه تحت راية الإسلام السياسي او الجهادي، حتى إن طالبان نفسها لم تخض حربها الأولى للاستيلاء على افغانستان في تسيعينيات القرن المنصرم تحت شعار الجهاد المقدس، فقد كان السوفييت قد خسر كل معاركه واندحر عن صحاري كابول قبل ذلك بوقت ليس بالطويل.

أخوان الأردن اليوم يلتزمون الصمت تماما إزاء ما وصلت اليه الأمور من عودة طالبان، وليس من المتوقع بالمطلق أن تحيد الجماعة في عمان عن موقفها المحايد حتى الآن، وليس من المتوقع أيضا أن تنخرط الجماعة في أي تعاون مباشر مع طالبان بخلاف ما تشيعه بعض مراكز القرار في عواصم عربية مناوئة للجماعة تزعم ان طالبان افغانستان ستكون الحضن الأخير للإخوان بديلا عن حضن اسطنبول وأردوغان الذي قلب ظهر المجن لحلفائه.

ربما تكون شحنة نقل الأفغان الى عمان نوع من الترانسفير الأفغاني البطيء لكنها لن تكون بالمطلق جزءا من اللعبة السابقة حين كانت لعبة الأمم ترسم هناك في أحضان كابول وفي خنادقها، ولن يكون لإخوان الأردن أي دور داعم او مؤيد لطالبان الجديدة، لكن المهمة الأبرز أمام إخوان عمان هو معرفة مصداقية الخطاب الحكومي الذي قال ان الشحنة الأمريكية للأفغان حطت رحالها في عمان لإستضافتهم لفترة محدودة ريثما يواصلون رحلتهم الى بلاد العم سام، فيما يظل الأرادنة يسألون الحكومة عن مدى استحقاقات اتفاقية التعاون الدفاعي بين واشنطن وعمان، وإلى أي مدى يتمتع الأردن بالسيادة المطلقة في عملية الترانسفير هذه...؟؟.

أسئلة بدأ الأردنيون بطرحها، لكن الأهم من ذلك كله.. لماذا الزج باسم الإخوان المسلمين في لعبة اختبار مدى الخطأ والخداع والإرتباك في الخطاب الحكومي وليس في الخطاب الإخواني..؟؟.

هنا فقط يختلط الخداع بالخطأ بالإرتباك وصولا للفوضى القاسية..

أضف تعليقك