قرى جرش محرومة من المياه

أزمة مياه يعيشها السكان منذ خمس سنوات.. و الحلول مؤقتة

أصيب شقيق رامي الترك (علي)، بكسور متعددة بعد تعثر قدماه و سقوطه عن سطح منزله، في قرية المرح بمحافظة جرش، عندما كان يتفقد خزانات المياه. 

يصف الترك الحادثة قائلا: "أخوي سقط عن سطح البيت لما طلع يتفقد الخزانات الساعه 11 بالليل، لأنه دور المي ما إجانا، و بنضطر نعبي من خلال التنكات(الصهاريج) الموزعة للمياه. وحاليا عنده كسور بالكاحل والساعد بالإضافة لكسرين في الحوض"

يقول الترك أن سكان قريته بالإضافة لسكان القرى المجاورة أوصلوا شكواهم للمسؤولين بسلطة المياه في المحافظة، ونواب المنطقة الحاليين والسابقين والمحافظ، إلا أنهم لم يجدوا تجاوبا أو ردا مقنعا من الجهات المختصة، مشيراً إلى أن مشكلة المياه بدأت منذ صيف 2016. ويضيف:" قريتنا مع حوالي 4 قرى أخرى (الحسينيات، الهواية، نجدة، بالإضافة لبعض الأحياء من بلدة ساكب مثل حي القصر وحارة الزبيب) ما بتوصلها المياه بانتظام منذ خمس سنين".  وتقع هذه القرى جميعها في الشمال الغربي لمركز محافظة جرش.

يؤكد ذلك أبو حسام من  قرية الحسينيات ويقول قبل حوالي 5 سنوات تقريبا كانت المياه تأتي لتلك المناطق بشكل ضعيف، لكن مع بداية العام الماضي انقطعت المياه لمدة 6 أشهر منذ شهر مارس\ آذار حتي سبتمبر\ أيلول 2020م، متابعاً:" بعد انقطاع المي صرنا نحصل عليها من تنكات(صهاريج)  السلطة، وأحيانا كانت تنقضي الدورة الاولى والثانية وما ييجي التنك".



 

مساعد محافظ جرش لشؤون التنمية ميسون خصاونة،  تقول إن مصادر المحافظة من المياه خارجية أي أنها تأتي من محافظات أخرى، وأنه أحيانا لا يتم تزويدهم بالكميات المتفق عليها، لافتة إلى أن المياه في فصل الشتاء الماضي كانت قليلة، وأن نسبة المياه المخصصة للمحافظة هذا العام نقصت عن السنوات السابقة. 

توزع مياه الشرب في محافظة جرش من قبل شركة مياه اليرموك، المملوكة  لسلطة المياه الأردنية. وتقدم خدماتها لما يقارب مليونين و 700 ألف نسمة  يعيشون على مساحة (29) الف كيلومتر مربع، وتدير الشركة منظومة مياه شرب تتألف من (231) بئراً وشبكات نقل وتوزيع تبلغ حوالي (10540) كيلومتر. 

* إجراءات متعبة 

يقول أبو حسام " تواصلنا مع وزير المياه السابق حازم الناصر وتم تمديد خط من منطقة الهواية إلى منطقة الحسينيات، لكن كانت تصل المياه بشكل ضعيف جدا، فأعدنا التواصل مع الجهات المعنية لكن لم نجد أي تجاوب، ولم تقدم السلطات أي حل للمشكلة حتى الآن".

 ويضيف :"تواصل أهالي القرى مع أعضاء مجلس المحافظة في جرش، فحولوا لنا مبلغ من ميزانية المجلس حوالي 35 ألف للتعاقد مع التنكات (الصهاريج) الخاصة، وخصصوا 270 ألف من مخصصاتهم لمد خط لمنطقة عين الديك والمنطقة الكتة وتم تحويل المعاملة لوزارة المياه، لكن جاء الرد من امين عام الوزارة بأن يحول المبلغ لسداد ديون سابقة 

 

يرى رامي الترك أن المشكلة ليست في قلة المياه، بل في سوء وزيع المياه وضعف آلات الضخ. ويوضح أن سلطة المياه في محافظة جرش أخبرتهم أن عدم وصول المياه بشكل منتظم لبعض المناطق سببه أن خطوط تلك القرى هي خطوط مائلة، فالقرى المنخفضة تأخذ جزءا كبيرا من مياه القرى المرتفعة.

وعن كميات المياه التي تصلهم مرة كل أسبوعين، يقول الترك إنها  لا تكفيهم حتى في حال الترشيد الزائد للاستهلاك المنزلي . 

 

محمد عيد من قرية نجدة، يعاني وأهل قريته من مشكلة انقطاع المياه لأشهر ، ويبين أن حصولهم على مياه صهاريج سلطة المياه يتم من خلال مراجعة السلطة في مركز المحافظة وعمل براءة ذمة تثبت أنه لا توجد مبالغ مالية مستحقة عليهم. يقول: " أسكن في البيت أنا واولادي الاثنين المتزوجين، يعني 3 عائلات. ونشترك جميعا في عداد مياه واحد ويصلنا 8 متر من المياه كل أسبوعين".

 

تؤكد الخصاونة، إن المحافظة تتطلع بشكل مباشر على شكاوى المواطنين التي تصل إليها من خلال ضابط الارتباط المهندس محمد عتوم - المكلف بحل المشكلة وإيصال المياه لأي منطقة لم تصلها. وتقول:"نتعامل مع أي شكوى يُقدمها أي مواطن بشكل منفرد لحل مشكلته، وقبل أن تصله مياه السلطة عبر الشبكة يتم إرسال تنك مياه لحل المشكلة الآنية".

وتلفت إلى أنه تم حل مشكلة ساكب في آخر دورة، من خلال إعادة برمجة دور المياه وكمياتها لتصل لكل المناطق  وتقول " لا نزال نعمل على المدى البعيد لتأهيل عين الديك وحل المشكلة، وتقصير دور المياه يعني بدلا من أن تكون المياه تأتي كل أسبوعين نحرص على أن تأتي كل أسبوع". 

الترك يرى أن إدارة توزيع المياه "حل آني وفوري" ويقول" تستطيع سلطة المياه التحكم بالخطوط الفرعية النازلة من الخط الرئيسي، واغلاق المحابس عن القرى التي تصلها 3 أيام متتالية، وتوزيعها على باقي المناطق". ويقترح  في الوقت نفسه ترميم بئر ماء في منطقة الهواية  لحل المشكلة، موضحا أن البئر يحتاج فقط لضخ المياه إليه ليتم توزيعها على القرى المحيط به، ومشيراً إلى  توقيع عريضة قبل 4 سنوات لترميم هذا البئر، دون جدوى. 

بانتظار حل جذري

يقول مدير مياه محافظة جرش المهندس محمود الطيطي أن السبب الرئيسي وراء انقطاع المياه عن تلك القرى هو أنها تأتي في نهاية دور المياه في المحافظة وأن أي خلل فني يحصل أو انقطاع في الكهرباء ينعكس سلبا على مناطق نهايات الأدوار أو المناطق المرتفعة مثل الحسينيات، ونجدة، ومنطقة المسرب والهواية، مضيفا أنه من الصعب تعويض أدوار المياه كونه يدخل بعدها أدوار محافظات أخرى في الشمال، مؤكدا أن المشكلة بدأت منذ 6 أو 7  سنوات تقريبا.

ويشير الطيطي إلى أنه تم طرح عطاء صهاريج خاصة لإيصال المياه للمناطق المتضررة. أما عن الحل الآخر لهذه المشكلة فبين أنه  سيتم ربط هذه القرى بمصادر مياه من داخل محافظة جرش من خلال آبار مشاتل الأمير فيصل، بعطاء بقيمة 450 ألف دينارا ، لتغذية القرى بالمياه عبر خط ناقل لمنطقة عين الديك، وبذلك سيتم توفير كميات من المياه  لقرى الحسينيات ونجدة والهواية وطريق المسرب، مؤكدا أنه بهذا الحل دورة المياه  ستعود إلى طبيعتها مع نهاية العام الحالي 2021  في حال كان الموسم المطري جيدا، أو صيف العام القادم. 

 

 "تلتزم سلطة المياه  بحسب المادة "6 ب-" من قانون سلطة المياه الأردني بوضع الخطط والبرامج لتنفيذ السياسات المائية المقررة المتعلقة بالمياه المنزلية والبلدية والصرف الصحي، وتطوير مصادر المياه في المملكة واستغلالها للأغراض المنزلية والبلدية، بما في ذلك حفر الآبار الإنتاجية وتطوير الينابيع ومعالجة  المياه لغايات هذه الاستعمالات، والقيام بالأعمال التنفيذية لزيادة طاقتها وتحسين نوعيتها وحمايتها ولهذه الغاية يقصد (بالمياه البلدية ) المياه التي تستعمل للأغراض المنزلية والتجارية والصناعية والسياحية والتي تزود بواسطة الشبكات العامة" 

يقول محمد عيد" تواصلنا مع المحافظ السابق فراس أبو قاعود، وسمعنا وعودا بأن المشكلة ستحل خلال أشهر، لكن هذه الوعود مر عليها حوالي سنتين" 



 

 النائب السابق محمد فريحات يقول إنه في الغالب يتم وضع "حلول مؤقتة" لهذه المشكلة، فأسباب عدم وصول المياه لهذه المناطق هو "شح المياه ونسبة الفاقد الكبيرة بسبب الخطوط القديمة والتي تم إصلاحها" بحسب فريحات. ويقترح أن تتم زيادة مخصصات المنطقة من المياه وزيادة الحصة لتلك القرى، لافتًا إلى أنه يجب أن يكون لجرش مصادر مخصصة للمياه سواء داخلية أو خارجية.

 

أنتج هذا التقرير بدعم من (أريج)

 

أضف تعليقك