التقارب الأردني التركي ماذا يحمل؟

 

في ظل الظروف الاقليمية والدولية الصعبة بما فيها الازمة الروسية الاوكرانية، تشهد العلاقات بين الأردن وتركيا تطورا ملحوظا، تتكل بزيارة مرتقبة للرئيس التركي رجب أردوغان الى العاصمة عمان بعد قبوله لدعوة الملك عبدالله الثاني لها، للتباحث في العديد من القضايا السياسية والاقتصادية التي قد تنعكس على البلدين ايجابا.

 

وحمل رئيس الوزراء ووزير الخارجية وشؤون المغتربين أيمن الصفدي رسالة من الملك الى الرئيس التركي الاربعاء، تناولت سبل تطوير العلاقات بين البلدين والتطورات الإقليمية والدولية، وتضمنت دعوة من الملك للرئيس التركي لزيارة الأردن.

 

 الزيارات المتبادلة رفيعة المستوى بين تركيا والأردن، لم تتوقف طيلة السنوات الماضية، فقد زار الرئيس أردوغان عمان، في عام 2017، وبعد أربعة أشهر، زار الملك عبد الله تركيا، فضلا عن زيارات متبادلة على المستويين الوزاري والبرلماني.

 

الأردن ممر مهم للطاقة في المنطقة

 

المحلل السياسي الدكتور منذر الحوارات يؤكد بأن موافقة الرئيس التركي لزيارة الأردن، هي مؤشرا يدلل على توصل البلدين للعديد من النقاط الهامة والمتفق عليها، والتي باتت تحتاج الى صياغة نهائية مشتركة مرضية للطرفين من قبل القادة.

 

ويوضح الحوارات بأنه في ظل الحرب الدائرة ما بين روسيا وأوكرانيا، قد يؤدي ذلك الى قطع الواردات المتعلقة بالطاقة، الأمر الذي بات يتطلب وضع خطط استراتيجية مستقبلية، وتعزيز الجانب الأمني لمواجهة أي تحديات قد تحدث لهذا الملف.

 

ويعد الأردن ممرا دوليا استراتيجيا للطاقة، حيث يقوم بتمرير الغاز المصري والكهرباء الاردنية عبر الاراضي السورية الى لبنان، وذلك بعد موافقة الادارة الأمريكية على استثناءات للعقوبات على سوريا وبعد موافقة الإدارة الروسية مالكة خط الغاز المار في سوريا، وفق خبراء في مجال الطاقة.

 

ومن أبرز القضايا السياسية المشتركة بين البلدين هي القضية الفلسطينية، حيث حظيت محادثات الصفدي ونظيره التركي بالتركيز على التطورات الإقليمية المتعلقة بالقضية، مؤكدين على ضرورة التحرك بشكل سريع وفاعل من أجل إيجاد أفق سياسي حقيقي لحل القضية الفلسطينية على أساس حل الدولتين.

 

ويقول الحوارات بانه يتفق البلدين العديد من الاهداف السياسية المشتركة على رأسها القضية الفلسطينية، الأمر الذي يدعم الدور الاردني وتعزيز  قوته التي تدفع جهوده الى الامام لإيجاد حلول تنهي الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

 

ويوضح الحوارات بأن المباحثات التي جرت خلال العام الماضي بين أنقرة وتل أبيب، في ظل تنامي التبادل التجاري بين البلدين وارتفاع الصادرات التركية إلى إسرائيل في السنوات الأخيرة، يدلل على تعزيز العلاقات الإسرائيلية التركية، وهذا يعد مكسبا استراتيجيا للأردن من حيث تمتع تركيا باتخاذ قرارات ضاغطة تجاه القضية بحكم ما لديها من إمكانيات وتأثير على العالم.

 

أما فيما يتعلق بالملف السوري، يشير الحوارات الى أن البلدين يشتركان في الرغبة في حل الأزمة السورية، التي تشكل تداعيات خطيرة على الطرفين من حيث عدم الاستقرار الأمني والسياسي بجانب وجود اللاجئين في البلدين.

 

بحسب إحصائيات الأمم المتحدة، يستضيف الأردن قرابة 1.3 مليون لاجئ سوريا، بينما تستضيف تركيا قرابة 4 ملايين لاجئ.

 

 إعادة النظر بالاتفاقيات الاقتصادية بين البلدين بهدف تحقيق التوازن الاقتصادي

 على الصعيد الاقتصادي جرى بين الطرفين الأردني والتركي بحث الخطوات والبرامج اللازمة لزيادة التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري والسياحي بين البلدين.

 

في العام الماضي صادقت على اتفاقية في مجال التعاون التجاري والاقتصادي، وفي عام 2019 وافقت تركيا والأردن على تأسيس لجنة اقتصادية مشتركة بين البلدين، تتيح التعاون بين أنقرة وعمان في 16 مجال، على رأسها الاقتصاد والتجارة والاستثمار

 

بحسب إحصائيات اتحاد المصدرين الأتراك، فإن حجم التبادل التجاري بين البلدين، وبعد أن وصل عام 2014 إلى أكثر من مليار دولار، تراجع عام 2017 إلى 795 مليون دولار ، 560 مليون دولار منها لصالح تركيا، ووصل لاحقاً إلى 959 مليون دولار 666 مليون منها لصالح تركيا عام 2018.

 

الخبير الاقتصادي والأكاديمي الدكتور قاسم الحموري يؤكد ان الاردن يواجه صعوبات وتحديات اقتصادية نظرا للعديد من العوامل، الأمر الذي يستدعي الى إيجاد فرص بمختلف السبل لإنقاذ الاقتصاد الوطني وإخراجه من أوضاعه الصعبة لغايات تحريك عجلة النمو، وإيجاد فرص عمل للحد من البطالة.

 

ويشير الحموري الى ضرورة إبرام اتفاقيات تحقق التوازن الاقتصادي بين البلدين، حيث أن الميزان التجاري يكون لصالح تركيا، مقترحا العمل على كيفية تغيير هذا التوازن لاستفادة الأردن اقتصاديا.

 

في عام 2019  قد ألغت اتفاقية التجارة الحرة مع تركيا، التي خلقت جدلا واسعا ما بين القطاع الصناعي الذي يعتبر أن إلغاء هذه الاتفاقية يحمي الصناعة المحلية لكون الاستيراد مفتوح من دول تنتج سلعا أقل جودة بسعر لا يقل عن المنتجات التركية،  وبين القطاع التجاري الذي اعتبر الغائها قرارا خاطئا و متسرعا والحق الضرر بالقطاع التجاري والمستهلك الأردني وأيضا بالمصانع التي كانت تُصدّر للسوق التركية.

 

المطلوب في ظل هذه المباحثات يقترح الحموري إعادة بناء هذه الاتفاقيات من جديد لضمان حماية أية قطاعات صناعية من أي ضرر قد يلحق بها بما ينعكس على الاقتصاد الوطني، ودخول الاستثمارات التركية الى الاردن، بالاضافة الى العمل على السياحة الدينية  من خلال استقطاب السياح الأتراك إلى الأردن، ما يساهم بمعالجة نسبة العجز التجاري بين البلدين.

 

هذا وارتفع عجز الميزان التجاري للمملكة مع تركيا خلال العام الماضي، بنسبة 22.3% ، ليصل إلى حوالي 421 مليون دينار، مقارنة مع عام 2020، والبالغة 344 مليون دينار.

 

وأظهرت بيانات التجارة الخارجية الصادرة عن دائرة الإحصاءات العامة، ارتفاع قيمة الصادرات الوطنية إلى تركيا العام الماضي لتبلغ حوالي 69 مليون دينار، مقارنة مع عام 2020 والبالغة 53 مليون دينار.

 

أضف تعليقك