الاغتصاب الزوجي: ضحايا صامتات

على الرغم من كون آلاف النساء معنيات بقضايا الاغتصاب الزوجي، لم تكن أي من النساء اللاتي تم الاتصال بهن في سياق إعداد هذا التحقيق على استعداد لمشاركة تجاربهن ، فإن كنت إحدى الناجيات من الاغتصاب الزوجي وترغبين في مشاركة تجربتك ليكون لمثيلاتك صوت وللدفع بالنقاش قدما، يمكنك التواصل مع الكاتبة من خلال البريد الإلكتروني المتاح في نهاية التحقيق.

 

عام 2020 بات مختلفا للكثير من النساء المغربيات. صار لضحايا العلاقات الزوجية أداة قانونية تحميهن، فقد قضت محكمة الاستئناف بطنجة شهر ديسمبر 2019 بأن الاغتصاب في إطار الزواج جريمة.

 

في الأردن، تعرضت أكثر من 40 ألف امرأة للاغتصاب الزوجي العام الماضي فقط .  وفق مسح عام على مستوى المملكة تبين من خلاله أن 3.3٪ من النساء تعرضن للاغتصاب الزوجي. لم تتلق السلطات الأردنية بلاغات تذكر ضد الأزواج، و أكدت معظم النساء بأنهن لم يبلغن عن الاعتداءات التي تعرضن لها. بشكل عام العنف الجنسي أمر شائع لكن النساء يعانين منه بصمت.

 

خلال مسح السكان و الصحة الأسرية الذي نفذته دائرة الإحصاءات العامة عام 2017-18، سئلت 6,852 امرأة متزوجة تتراوح أعمارهن بين 15 و 49 سنة عن العنف الذي عانين منه خلال الأشهر الاثني عشرة الأخيرة التي سبقت المسح، وردة فعلهن تجاهه. أظهرت النتائج أن، 3.3 في المئة من النساء اللاتي شملهن المسح ،تعرضن للعنف الجنسي خلال العام الماضي، حيث غصبهن أزواجهن على المعاشرة الجنسية. قد تبدو النسبة المذكورة محدودة إذا ما قورنت بعدد النساء المتزوجات اللواتي ينتمين لنفس الفئة العمرية والذي يقدر عددهن بـ 1.35 مليون امرأة، إلا أن هذه النسبة تعني أن عشرات الآلاف من النساء يتعرضن لهذا النوع من العنف سنويا     .

 

لماذا تحدث هذه الظاهرة في الأردن؟

م.س. أخصائية في علم النفس السريري، حاصلة على شهادة الماجستير في علم النفس السريري ولديها أكثر من 9 سنوات من الخبرة في هذا المجال. اطلعت م.س. على البيانات المتعلقة بقضية التحقيق وقدمت تقييمها المهني في هذا الموضوع. وتم حجب اسمها بناءً على طلبها وخوفاً على سلامتها. تعاملت م.س. مع العديد من الناجيات من العنف الأسري، وبالرغم من السرية والخصوصية التي يوفرها العلاج النفسي، لم تتقبل النساء اللاتي لجأن لها فكرة أن ما تعرضن له هو اغتصاب زوجي، ما يساهم  في تعزيز ثقافة الصمت.  

 

تقول الأخصائية: "هناك توجهات ثقافية تُسخف من الاعتداء الجنسي على أنه شيئ من طبيعة الرجال وبالمثل، توجد العديد من التوجهات الاجتماعية والثقافية التي تقلل من خطورة الاعتداء الجنسي أو تنكر وقوعه، أو الشروع به،  وتنظر اليه على أنه من صنيع المرأة." إن صح تقييم الأخصائية النفسية، قد يكون المعدل الحقيقي لحالات الاغتصاب الزوجي أعلى مما تم رصده، وإذا كانت النساء يمتنعن عن الاعتراف بتلك التجربة حتى لأنفسهن، مخافة أن يتم تكذيب روايتهن، فما بالكم بالحديث عنها لشخص غريب يجمع البيانات عن هذه الظاهرة.

تنعكس التوجهات الاجتماعية في تغاضي النظام القضائي عن حالات العنف الجنسي في إطار الزواج، فالاغتصاب الزوجي في الأردن لا يعد جريمة، وكما تبين الأخصائية النفسية: "يتم تكذيب الضحايا النساء تلقائيا، ووصمهن بالعار، وإلقاء اللوم عليهن، ويساء الظن بهن، وتحوم الشكوك حولهن، ويرفضون، ويعاملون بكثير من الشك والريبة لأن العنف الجنسي أمر مقبول وطبيعي في نظر النظام القضائي والمجتمع"، وقد تعاملت الأخصائية النفسية مع حالات قامت فيها الناجية بالتبليغ عن تعرضها لاعتداء جنسي خارج إطار الزواج، فتم تكذينها واتهامها باختلاق تلك القصص. مثل هذا التعامل يجعل هؤلاء النساء أكثر ترددا في التبليغ عن تجاربهن إلى السلطات، التي قد لا تكون داعمة لهن، بل أسوأ من ذلك، قد تشكك في صحة رواياتهن. وقد تتعرض الناجية  للهجر والعزل من طرف أسرتها والسلطات بمجرد أن تبوح بقصتها، وتكون فرصتها في الحصول على دعم أحدهما ساعتها ضئيلة.  

 

قد تتقبل بعض النساء فكرة أن المشاكل الزوجية لا تحل خارج نطاق الزواج، خاصة وأن المجتمع ينظر إلى الاغتصاب الزوجي" باعتباره قضية شخصية خاصة بين الزوج والزوجة، فلا يجب إشراك النظام القانوني في شؤون الأسرة الخاصة." وتضيف الأخصائية النفسية: "ينظر إلى الاتصال الجنسي، اجتماعيًا وثقافيًا، على أنه حق زوجي للرجل لا يمكن إلغاؤه، وبالتالي لا يمكن أن يكون هناك اغتصاب بين الزوجين. وبعبارة أخرى، يُنظر إلى الاغتصاب باعتباره جريمة جنائية تتمثل في الاتصال الجنسي القسري الذي يقع فقط خارج إطار الزواج".

 

تبقى المرأة صامتة بشأن العنف الجنسي وغيره من أشكال العنف والتسلط

رغم ارتفاع عدد إدانات الجرائم الجنسية في الأردن، إلا أنها تمثل جزءاً ضئيلاً من هذا النوع من الجرائم المرتكبة ضد النساء، وأظهر تقرير مسح السكان والصحة الأسرية أن النساء يتعرضن للعنف العاطفي خمس أضعاف تعرضهن للعنف الجنسي، ويتعرضن للتعنيف الجسدي أربع أضعاف تعرضهن للعنف الجنسي، ومع ذلك، لا يزال العنف الجنسي يؤثر على عشرات الآلاف من النساء، ويظل في أغلب الأحوال غير مبلغ عنه ولا معاقب عليه.

 

وتؤيد بيانات المسح العام النظرية القائلة بأن النساء اللائي يتعرضن للعنف الجنسي أثناء الزواج غالباً ما يعانين أيضاً من أشكال أخرى من سوء المعاملة، الأمر الذي أوضحته الأخصائية النفسية بقولها: "في كثير من الأحيان، يمثل الاغتصاب الزوجي شكلا من أشكال العنف المزمن الذي تتعرض له الضحية، والذي يحدث في إطار العلاقات التعسفية، فضحايا العنف الجنسي عادة ما يتعرضن كذلك للإيذاء العاطفي والجسدي. حتى أن عددا من النساء تتحجر عواطفهن يصبن بحالة من اللامبالاة تدفعهن لتقبل تلك المعاملة على أنها مستحقة، ويرتبط العنف الجنسي الزوجي عند الضحايا ارتباطًا وثيقًا بالصدمة العاطفية والعار، مما يمنعهن من البوح به أو الإبلاغ عنه، حتى في سياق الإخبار عن العنف الجسدي" وتضيف الأخصائية: 

 

النساء القاطنات في المنطقة الوسطى هن الأكثر عرضة للعنف الجنسي

تكشف بيانات المسح العام عن بعض الاتجاهات السائدة التي قد تكون فيها المرأة أكثر عرضة للوقوع ضحية للاغتصاب أثناء الزواج. وفقاً للمسح، فإن احتمال تعرض النساء في المناطق الريفية للاغتصاب على أيدي أزواجهن هو ضعف احتمال تعرضهن لذلك في المناطق الحضرية. كما أن النساء في اقليم الوسط  أكثر عرضة للاعتداء الجنسي من أقرانهن في اقليمي الجنوب والشمال. على سبيل المثال، فإن امرأة من كل 12 امرأة في البلقاء قد تعرضت للعنف الجنسي الزوجي في العام الماضي. نحتاج للمزيد من البحث لفهم هذه الأنماط الجغرافية.

 

iframelink:  

 

النساء الأكبر سناً أكثر عرضة للتعرض للعنف الجنسي بمرتين

وفقا لمسح السكان والصحة الأسرية، يوجد ارتباط قوي بين العنف الجنسي والسن، فقد تعرضت امرأة واحدة فقط من بين 50 امرأة في العشرينات من العمر للعنف الجنسي خلال السنة الماضية، في حين أن امرأتي من بين 50 امرأة في الثلاثينات والأربعينات من العمر تعرضن للعنف الجنسي خلال السنة ذاتها، ما قد يدل على أن الأجيال الأصغر أقل تقبلاً للعنف الجنسي من الأجيال الأكبر.

 

النساء العاملات والنساء المطلقات والأرامل قد يكن أكثر عرضة للعنف الجنسي أثناء الزواج

تظهر البيانات ارتفاعا في معدلات التبليغ عن الاغتصاب الزوجي بين النساء ذوات الدخل المنخفض، والنساء العاملات والنساء المطلقات أو الأرامل. النساء الأفقر أكثر عرضة لأحد أشكال العنف الجنسي إذا ما قورن بغيرهن من النساء المنتميات لأسر ذات دخل متوسط أو مرتفع، كما أن النساء العاملات واللواتي يشكلن نسبة قليلة من الإناث في الأردن هن أكثر عرضة بمرتين للعنف الجنسي مقارنة بالنساء اللائي لا يعملن خارج المنزل. بحسب رأي الأخصائية النفسية: "قد تمثل النساء العاملات مصدر تهديد للرجل، وبالتالي قد يقوم الزوج بالإساءة إلى زوجته ليفرض سلطته وهيمنته عليها حتى لا تستقل بذاتها عبر العمل" وتضيف: "أيضا، قد يشعر الزوج بالغيرة من وظيفة زوجته أو من زملائها الذكور، وقد يعبر عن هذه الغيرة من خلال أساليب القوة والسيطرة، ما يؤدي في النهاية إلى سوء المعاملة".

 

احتمالية تعرض النساء المطلقات أو المنفصلات أو الأرامل للعنف الجنسي الزوجي هي ضعف احتمالية تعرض النساء المتزوجات لذلك، ما يشير إلى أن بعض النساء اللائي يتعرضن للعنف الجنسي يخترن إنهاء العلاقة من خلال الطلاق. يحتاج هذا التفسير لمزيد من البحث لتأكيده. إضافة إلى ذلك، معدل العنف الجنسي بين الزوجين يزداد تناسبيا مع عدد الأطفال في الأسرة، فاحتمال تعرض النساء اللائي لديهن طفلان هو نصف الاحتمال بالنسبة للنساء اللائي لديهن أكثر من ثلاثة أطفال.”

 

التعليم قد يقلل من خطر العنف الزوجي

النساء الغير متعلمات أكثر عرضة للعنف الجنسي (5 في المئة) من النساء الحاصلات على تعليم عالي (3 في المئة)، وهؤلاء الأخيرات هن وبشكل تلقائي، أقل عرضة لأشكال العنف الجنسي بالمقارنة مع النساء اللاتي وصلن مستويات أخرى من التعليم. وكما أوضحت الأخصائية النفسية: "قد يكون للنساء المتعلمات موارد أكثر يلجأن إليها عندما يتعرضن للعنف الجنسي، وقد يكن أكثر وعيا بحقوقهن الجنسية "وأضافت "قد يكن أكثر عرضة لترك زيجاتهن والحصول على دعم آبائهن، وقد يكن أقل خوفا من انتقام أزواجهن، وقد يكون لهن المزيد من الأمن المالي وفرص العمل التي تعينهم على التخلي عن زيجاتهم، علاوة على ذلك، فإنهن لربما أقل تأثراً بالضغوط الاجتماعية ووصمة العار". هذا يدل على فائدة كبيرة لتعليم النساء تتجلى في: مزيد من الوعي، والاستقلال المالي والاجتماعي، وشبكة دعم أوسع، وكل هذا يساهم في زيادة درجة المساواة بين الجنسين."

 

قلة من النساء يلجأ إلى القانون  

الأردن، مثله مثل أكثر من نصف دول العالم، لا يجرّم صراحة العنف الجنسي الزوجي. فهو غير معترف به ولا يعد جريمة جنائية، والقانون لا يجرم إلا بعض أشكال العنف ضد المرأة. المادة 292 من قانون العقوبات رقم 16 لعام 1960 تجرم الاغتصاب، ويعاقب بالسجن لمدة 15 سنة على الأقل كل شخص يمارس الجنس مع أنثى بخلاف زوجته دون موافقتها، سواء أكان بالإكراه أو التهديد أو الخداع. فالاغتصاب الزوجي معفي عنه صراحة بموجب أحكام المادة 292، فلا تستطيع للنساء تقديم شكوى قانونية ضد أزواجهن في هذا الخصوص (قانون العقوبات، 1960: المادة 292؛ البنك الدولي، 2016)، هذه الفجوة في القانون تخلق حصانة قانونية للرجال الذين يسيئون معاملة زوجاتهم جنسياً، ما يضفي شرعية على هذا النوع من العنف ضد المرأة، وفقًا لمجلة بروكلين للقانون الدولي.

وفي مقابلة مع المحامية نور الإمام، أمينة سر الشبكة القانونية للنساء العربيات والتي تعمل منذ أكثر من ٢٤ عاما في مجال تقديم المساعدة القانونية للنساء ضحايا العنف قالت أنه لا يوجد في قانون العقوبات الأردني 1960 ما يجرم الاغتصاب الزوجي. تنص المادة 293 على على أن من واقع انثى (غير زوجته) لا تستطيع المقاومة بسبب ضعف أو عجز جسدي أو نفسي أو عقلي يعد مرتكبا للجرم المنصوص عليه في المادة 292 من هذا القانون ويعاقب بالعقوبة المنصوص عليها فيها.

على الرغم من إجراء تعديلات على قانون العقوبات 1960 تتعلق بحماية المرأة، كتشديد العقوبة على الجرائم التي تقع على النساء، مثل جرائم الشرف والاغتصاب والاعتداء الجنسي الواقع خارج الزواج، لم تعدل المادة 293 من قانون العقوبات لتشمل الزوجة بشكل صريح. وهذا الفرق الوحيد بين التشريعات المغربية والأردنية، فالأخيرة تستثني الزوجة، كما أشارت إمام. وقالت أنه – من واقع خبرتها - لم يكن هناك أي مقترح لتعديل هذا النص. وعزت ذلك إلى المحاذير الاجتماعية والثقافية والدينية تجاه هذا الموضوع، إذ أضافت، فعلى سبيل المثال، عندما طالبنا بتعديل ورفع سن الزواج لمن هن أقل من 18 سنة، بما أن الأردن مصادق على اتفاقية حماية حقوق الطفل التي تعتبر الأطفال من هم دون سن الثامنة عشر عاما تم الهجوم على الحركات النسائية واتهامها بأنها تحمل أجندات خارجية. 

وأضافت إمام، لمكافحة الاغتصاب الزوجي، لا يكفي تعديل النص القانوني على أهميته، الأهم وجود الثقافة المجتمعية والوعي المجتمعي ووجود جهات تحمي النساء من هذه الأفعال. فعلى سبيل المثال، يحق للمرأة أن تشتكي في قضايا التحرش الجنسي المعاقب عليها بشكل واضح في قانون العقوبات ومع ذلك نجد عدد الشكاوى المقدمة حول التحرش الجنسي محدودة جداً.

وأشارت المحامية أن قانون الحماية من العنف الأسري رقم 15 لسنة 2017، الذي يحكم بين الجرائم الواقعة على الأشخاص التي يرتكبها أحد أفراد الأسرة في مواجهة أي من أفرادها، إذ يعاقب الزوج على الضرب أو الإيذاء وغيرها من الأفعال، فمن باب أولى أن يكون فعل الاغتصاب الزوجي ضمن منظومة الحماية هذه من العنف الأسري الذي أفرد له المشرع الأردني حماية خاصة في هذا القانون. وهنا تقترح إمام، النظر إلى المنظومة الفكرية للمجتمع، وتتساءل، هل يعتبر الضرب والإيذاء شديد الوقع على المرأة والاغتصاب ليس كذلك؟ فالنظرة للزواج على أنه علاقة جنسية لا أكثر يجعل هذا الأمر مستثنى من قانون العقوبات. 

 

المحن القانونية والاجتماعية التي تواجهها النساء المبلغات عن الاغتصاب الزوجي

يظل إثبات حدوث الاغتصاب الزوجي حتى في أفضل الظروف، مع توفر الحماية القانونية والدعم الأسري أمرا صعبا. فكما تبين الأخصائية النفسية، من الصعب الحصول على أدلة مادية تثبت حدوث اغتصاب زوجي، ما يعقد عملية الإبلاغ . وبالنسبة للكثير من النساء، الخوض في الإجراءات القانونية لا يستحق كل هذا العناء. قد يكون الإبلاغ في حد ذاته مؤلما وصادما للضحايا لأنه يتم على يد رجال سلطة لم يدربوا جيدا على هذا النوع من الاستجوابات ويؤدي لإحياء ذكريات جارحة يطلب الخوض فيها بتفاصيل صريحة. في العادة لا يتم تصديق الضحايا عند انعدام الأدلة المادية على وقوع الاعتداء الجنسي.

 

يعتبر التأثير السلبي المحتمل للإبلاغ على بقية أفراد العائلة عاملا رئيسيا خر لإبقاء القضية خارج المحكمة. وبينت الأخصائية النفسية، من الشائع أن تقوم الناجية  أو أسرتها أو وصيها بإسقاط قضية العنف الجنسي (والذي يشمل الاعتداء الجنسي والتحرش والاغتصاب) "تجنبا لوصمة الخزي والعار وصونا لشرف العائلة". ومن واقع تجربة الأخصائية النفسية، فإن العديد من أسر الضحايا تهدد الضحايا بالهجر والمقاطعة، ما يجبرهن على إعطاء الأولوية، ليس لشرف العائلة بالضرورة، بل للإبقاء على علاقاتهن بأسرهن، كأولوية تفوق أهمية تحقيق العدالة.

 

التأثير النفسي للاغتصاب الزوجي على النساء

قد يضاعف العنف الجنسي في إطار الزواج من المشكلات النفسية التي تواجهها النساء في مجتمع غير متكافئ. فقد عددت الأخصائية النفسية حالات تعاملت معها وكانت نتيجة للعنف الجنسي وتشمل لـ: اضطراب ما بعد الصدمة، وتدني احترام الذات، والاكتئاب، والقلق، والانتحار، وسلوكيات إيذاء الذات، والإدمان، والذهان، ومشاكل صحية والعديد من المشاكل الأخرى. كما أوضحت أنه "     يتم لوم النساء العاجزات عن الإبلاغ عن العنف الجنسي لمجرد كونهن ضحايا، ويتم التلاعب بهن ودفعهن لفقد الثقة في قناعاتهن، والشك في أنفسهن، ويفقدن الثقة في حدسهن ومشاعرهن الباطنية ،وما إن يدخل الشك في قلوبهن حتى تزداد أحوالهم النفسية سوءاً" فيبدأن في تصديق أنهن يختلقن الأمور وأنها من نسج خيالهن. وأضافت الأخصائية النفسية أن العجز عن التبليغ عن حالات الاعتداء التي تعرضن لها يشعر أولئك النساء بالدونية وبأنهن مقوضات وعرضة للتمييز، مما يؤثر على علاقاتهن مع أزواجهن وأطفالهن وأفراد أسرهن.

 

إنهاء وباء الاغتصاب الزوجي

نظرًا لكون الخوف من وصمتي الخزي والعار سبباً في الصمت عن الاغتصاب الزوجي، يعتقد الخبراء أن الحلول تبدأ بتغيير مفاهيم و مواقف المجتمع من الجنس والزواج. إحدى الخطوات لتحقيق ذلك هي فتح باب       النقاش في هذا الموضوع علنيا، فكما أوضحت الأخصائية النفسية "الجنس ليس موضوعا معتاداً تتحدث فيه مع أي كان، وينظر إليه في المجتمع على أنه واجب الزوجة الصالحة تجاه زوجها وهو تجلٍ لحق الزوج في الزواج". لعل مناقشة الجنس والمساواة داخل الزواج علناً ي     بدد بعض الخرافات و وصمات العار المتعلقة بالموضوع، فكما أوضحت الأخصائية النفسية "يتم اشعار النساء بالذنب إذا تحدثن بالسوء عن أزواجهن و بالعار خاصة إذا كان الحديث يتعلق بالجنس".

 

قد يكون لتثقيف الفتيات حول حقوقهن الجنسية دور في قلب وتغيير بعض المعتقدات المترسخة حول دور المرأة في الزواج، وكما قالت الأخصائية النفسية: "صميم المشكلة اعتقاد العديد من النساء أن لا حق لهن في رفض معاشرة أزواجهن، وأن موافقتهن غير مطلوبة، فتخشى العديد من النساء إن رفضن معاشرة أزواجهن، أن يعمد الزوج للزواج من امرأة أخرى لتلبية احتياجاته الجنسية."

الاغتصاب الزوجي قضية تندرج تحت تحديات عدم المساواة بين الجنسين، مثل قضية العمل والتنقل، والتي لم يتم حلها اجتماعيا وقانونيا. وكما أوضحت الأخصائية النفسية فإن "المرأة  في السياق الثقافي لا تتمتع بحق الولاية على نفسها، وتعتبر ملكًا للأب أولاً، ثم تصبح ملكاً للزوج".  يبقى إيجاد برامج تعليمية شاملة و برامج إصلاح قانوني لتحقيق المساواة بين الجنسين أمراً صعباً.

مر عامان على إلغاء القانون الذي أتاح للمغتصبين الهروب من العقوبة بتزويج لضحايا لهم، ولا يزال على      مجتمعنا نظامنا القانوني مواجهة السؤال التالي: ماذا عن النساء اللائي يتعرضن للاغتصاب على أيدي أزواجهن؟

 

إذا كنت إحدى الناجيات من الاغتصاب الزوجي وترغبين في مشاركة قصتك، يرجى التواصل مع كاتبة المقال على البريد الإلكتروني التالي: end_spousal_violence[at]protonmail.com.

 

 

أضف تعليقك